ثانيها : أنها رؤيا نوم رآها أنه سيدخل مكة ، وهو بالمدينة ، فقصدها فصدّه المشركون في الحديبيّة عن دخولها ، حتى شكّ قوم ودخلت عليهم الشبهة ، فقالوا : يا رسول الله ، أليس قد أخبرتنا أنّا ندخل المسجد الحرام آمنين؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أوقلت لكم إنكم تدخلونها العام؟! قالوا : لا ، فقال : لندخلها إن شاء الله. ورجع ثم دخل مكة في العام القابل. فنزل : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ).
ثالثها : أن ذلك رؤيا رآها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن قرودا تصعد منبره وتنزل ، فساءه ذلك واغتمّ به ، روى سهل بن سعد عن أبيه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى ذلك ، وقال له صلىاللهعليهوآلهوسلم : لم يستجمع بعد ذلك ضاحكا حتى مات ، وروى سعيد ابن يسار أيضا ، وهو المروي عن أبي جعفر «الباقر» وأبي عبد الله «الصادق» عليهماالسلام (١).
رابعها : ما ذكره تفسير الكشاف من احتمال أن يكون المراد بالرؤيا ، ما يمكن أن يكون قد رآه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مصارع المشركين في بدر ، قبل المعركة ، فحدّث به أصحابه في ما كان يروى عنه من قوله حين ورد ماء بدر : «والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم» وهو يومئ إلى الأرض ويقول : هذا مصرع فلان ، وهذا مصرع فلان ... فتسامعت قريش بما أوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أمر يوم بدر وما أري في منامه من مصارعهم ، فكانوا يضحكون ويستسخرون ويستعجلون به استهزاء (٢). أمّا الشجرة الملعونة فقد فسرت بأنها «عائلة بني أمية» على أساس الوجه الثالث في تفسير الرؤيا ، ويكون اللعن في القرآن متعلقا بهم من خلال انطباق أحد العناوين الملعونة من المنافقين والظالمين وأمثالهم ، وبذلك يحصل هناك انسجام بين الرؤيا وبين
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٦ ، ص : ٥٤٨.
(٢) تفسير الكشاف ، ج : ٢ ، ص : ٤٥٥