وقد اختلف المفسرون في تفسير كلمة «الإمام» في الآية في وجوه عديدة ـ كما في مجمع البيان ـ.
الأول : إن المراد به النبيّ ، باعتبار أن كل نبي هو الإمام لأمته ولأتباعه.
الثاني : الكتاب المنزّل من الله ، كالتوراة والإنجيل والقرآن والزبور ، باعتبار أن المؤمنين به يتبعونه في أوامره ونواهيه وجميع تعاليمه.
الثالث : الشخص الذي يؤتم به من الأئمة والعلماء.
ويجمع هذه الأقوال ـ في ما ذكره في المجمع ـ ما رواه الخاص والعام عن الرضا علي بن موسى عليهالسلام بالأسانيد الصحيحة أنه روى عن آبائه عليهمالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال فيه : يدعى كل أناس بإمام زمانهم ، وكتاب ربهم ، وسنة نبيهم. وروي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : ألا تحمدون الله ، إذا كان يوم القيامة فدعا كل قوم إلى من يتولونه ، ودعانا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفزعتم إلينا ، فإلى أين ترون يذهب بكم؟ إلى الجنة ورب الكعبة. (قالها ثلاثا).
الرابع : إن معناه بكتابهم الذي فيه أعمالهم (١).
ولعلّ المنصرف إلى الذهن في فهم الآية ـ لأوّل وهلة ـ هو المعنى الأخير بقرينة ما بعده من تفصيل الكلمة من حيث طبيعة الكتاب ومضمونه. ولكننا نعتقد أن الأقوال الثلاثة لا تبتعد عن ذلك من حيث المضمون ، أو من حيث الالتزام والإيحاء ، لأن من الطبيعي أن الأعمال التي يتضمنها الكتاب هي الصورة الملائمة أو المخالفة لتعليمات النبي ، وللكتاب الذي جاء به ، ولكلمات الإمام أو العالم أو المرشد باعتبارهم يتحدثون بكلام الله وكلام نبيّه. وعلى ضوء هذا ، فإن مفهوم هذه الفقرة من الآية ، أن الله ينادي كل قوم بالرمز الذي كانوا ينتمون إليه ، ويأتمّون به في الحياة ، من نبيّ وكتاب ومرشد ، في ما
__________________
(١) راجع : مجمع البيان ، ج : ٦ ، ص : ٥٥٥.