على وضوح الخط وإشراق الرؤية ، لأن الهوى النفسي لا يمثل الخط الواحد الذي يحدد البداية والنهاية ، بل يمثل الخطوط المتحركة التي تختلف في كل وقت تبعا للمزاج بين يمين ويسار ومتعرّجات ملتوية ، بينما يمثل الهدى الإلهي والنبويّ والقياديّ الملتزم ، النور الذي يتحرك في الفكر فيبعث فيه الإشراق في الفكرة والوضوح في الرؤية ، ويتحرك في القلب ، فيبعث فيه النور في النبضات والخفقات والمشاعر ، فلا يتصل إلا بمواقع النور الروحية في الحياة ، وينطلق في الحياة فيخطط للطريق ليحدد كل مواقعه في خط البداية والنهاية وعلامات السير ، ويفتح في كل جانب من جوانبه بابا يطل على النور من أوسع الآفاق ، ويشير إلى الخطوات كي تتحرك في مواقع النور حيث الرحابة في الأفق وفي الأرض ... وهكذا تكون المواقع في الدنيا هي التي تحدد المواقع في الآخرة ، فمن كان سائرا في خط الهدى ، فإنه سيسلك ـ في ساحة الآخرة ـ الطريق الواضح المستقيم الذي يؤدي به إلى الجنة ، ومن كان متخبطا في عماه الفكري والروحي والعملي في الدنيا ، وسائرا في طريق الضلال ، (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) ، لأنه سوف يجد أمامه النار التي تقوده إلى المصير الأسود ، الذي لا ينتهي إلى أمد معين في نطاق الزمان.
* * *