الملكوت ، من القدرة». (١)
وقد حاول صاحب تفسير الميزان أن يجعل الجواب (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) تفسيرا لكلمة الروح. قال : «فقد بان بما مر أن الأمر هو كلمة الإيجاد ، وهو فعله تعالى الخاص به ، الذي لا يتوسط فيه الأسباب الكونية بتأثيراتها التدريجية ، وهو الوجود الأرفع من نشأة المادة وظرف الزمان ، وأن الروح بحسب وجوده من سنخ الأمر من الملكوت ..» (٢).
ولكن المتبادر من الجواب ، أن الله لم يرد أن يعرفهم طبيعتها باعتبارها من أمره ، لأن ذلك لم يوضّح أيّ شيء عندهم ، في ما هو حقيقة المعنى ، لأن كلمة الإيجاد تمثل مصدر الوجود لا حقيقته ، كما أنه من الأمور المعروفة لديهم ، في ما يعتقدونه من تعلق الإرادة الإلهية بوجود الأشياء ، بشكل مباشر أو غير مباشر. ولهذا فإننا نستقرب أن يكون الجواب واردا لبيان أنها من الأمور التي استأثر الله بها مما لا يستطيعون الإحاطة به ، لأنه ليس من الأمور التي تقع في دائرة الحس ليملكوا الوسائل إلى معرفتها ، لأن التعرف على الأشياء لا يتم إلا بالوسائل التي يملكها الإنسان في فكره ووجدانه. وعلى هذا الأساس ، تنسجم الفقرة التالية مع صدرها (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) كإشارة إلى أنهم لا يملكون الكثير من العلم ، لأن مصادر المعرفة محدودة لديهم ، في ما يتصورونه أو يتعرفون عليه من خلال الحس ؛ والله العالم.
* * *
__________________
(١) البحار ، م : ٢٠ ، ج : ٥٨ ، ص : ٢٩ ، باب : ٤٢ ، رواية ١٤.
(٢) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ٢١٠.