الكلام ، ولهذا كان الجواب بالنهي عن التوغل في فهم حقيقته ، لأنه مما استأثر الله بعلمه. وقد يكون هذا الوجه قريبا ، باعتبار أنه الأقرب إلى أفكارهم بحسب مضمون الكلمة عندهم ، ولا يلتفت إلى قول من قال ، بأن التبادر ممنوع في كلام الله تعالى ، لأنّ المسألة ، هنا ، هي مسألة سؤالهم عن الكلمة في ما يدور الحديث عنها ، وما يتصورونه منها ، فهي من كلامهم لا من كلام الله. وقد جاءت الآية لتنقل حديثهم مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإذا كان الكلام من الله ، بقطع النظر عن هذه الملاحظة ، فإن كلامه ككلام غيره ، في ما يتبادر منه ، لأنه يجري كلامه على حسب ما لدى الناس من مصطلحات وإطلاقات ، لأنه يخاطب عباده بما يفهمون.
ولكن هناك ملاحظتين أمام هذا الوجه :
الأولى : أن الظاهر هو أن المسؤول عنه ، هو الكلمة ، في مواقعها في القرآن ، ولم يرد ـ فيه ـ استعمالها بمعنى الروح الإنساني.
الثانية : أن المسلمين ، أو العرب ، في صدر الدعوة ، لم ينقل عنهم أنهم كانوا يتعمّقون في فهم المعاني ، بحسب بعدها الفلسفي ، لتتحرك علامات الاستفهام لديهم من موقع الغموض الذي يلفّها ، فإنهم إذا أطلقوا كلمة الروح ، فإنما يطلقونها باعتبار ما تعبّر عنه من معنى الحياة أو الذات أو ما يقارب ذلك ، لا باعتبار المعنى المقابل للمادّة ، ليكون السؤال عن هذه الطبيعة التجريدية الخفية التي تكون سرّ الحياة.
ولكن لا مانع من أن يكون السؤال منطلقا بلحاظ سرّ الحياة الذي لا يملكون الوضوح في معرفته ، لا بلحاظ المعنى المقابل للمادة ، بالنظرة الفلسفية. ويؤيد ذلك ما جاء
في بحار الأنوار عن أبي بصير عن الإمام الباقر أو الإمام الصادق عليهماالسلام قال : سألته عن قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : التي في الدواب والناس ، قلت : وما هي؟ قال : هي من