(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من القرآن ، الذي منحك ومنح الناس معك مقدارا من العلم ، بالأسباب التي يذهب بها العلم من الذاكرة أو من الكتب. (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) يرده إليك وإلى الآخرين ، لأن ما يأخذه الله فلا رادّ له إلا هو ، إذ إنّه هو الذي يملك ما لا يملكه أحد ، ويعطي الملك لمن يشاء في أي شيء ، ويمنعه عمن يشاء في أي موقع.
(إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ينزلها عليك فتحفظ لك ذلك أو تزيده وتنمية ، ليفتح عليك أبواب المعرفة التي تتسع معها ساحات الحياة. (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) من خلال ما أعطاك من العلم ، وما رزقك من القوة الفكرية التي تركّز قواعده ، وتقوّي حركته في تقدّم الإنسان.
وقد يكون هذا الأسلوب في مواجهة وعي الرسول للقرآن ، ملفتا للنظر لما فيه من قوة التأكيد على الدور الإلهي الأساسي في حركة المعرفة وامتدادها ، كما هو في حركة الحياة لدى الرسول والناس ، بحيث لا يطمئن الإنسان لقوته الخاصة المنبثقة عن العناصر الذاتية الكامنة في شخصيته ، كما يغفل فيه عن علاقة الله بامتداد الحياة والعلم والقوة.
إن الأسلوب القرآني يتحرك من أجل تعميق الوعي التوحيدي في شخصية الإنسان ، في كل شيء يحيط به ، فلا يستسلم لمظاهر امتداد القوة لديه ، بعيدا عن التفكير في قدرة الله على إزالتها في كل وقت ، ولا يغفل عن طبيعة القدرة التي أوجدت في داخل الشخصية العوامل التي تساهم في الاستمرار في عملية القوّة الذاتية.
وهذا هو المنهج التربوي الذي ينبغي للعاملين في حقل التربية أن يحركوه ، من خلال ما يستحدثونه من أساليب وما يثيرونه من أفكار.
* * *