وتلبية حاجات الهوى ، وهذا ما جعلهم يبتعدون عن الإيمان بالله حتى فقدوه ، وعن الالتزام بالوحي حتى تمردوا عليه ، فأساءوا إلى أنفسهم بما جلبوه لها من متاعب ومشاكل ، وما أبعدوه عنها من منافع ومكاسب ، وما أوقعوها فيه من مهالك ومزالق ، وأساؤوا إلى الناس لأنهم ظلموهم وأضلوهم في حياتهم وأثاروا في حياتهم أجواء الكفر والضلال والانحراف ، وحرّكوا فيها خطوات التمرّد والظلم والطغيان ، فهم مشدودون إلى الأرض لا يتطلعون لحظة إلى السماء ، ومرتبطون بالدنيا لا يفكرون بالآخرة ، وملتزمون بالمادة لا يعيشون قيم الروح. وهكذا ضلوّا وأضلّوا بعد أن قامت عليهم الحجة من الله ، من خلال ما أعطاهم من عقل ، وما رزقهم من حواس ، وما وهبهم من وسائل الحركة ، وما أحاطهم به من أجواء العناية ، فلم يكفروا عن عجز ، ولم يضلوا عن جهل.
أما هؤلاء فلهم بشارة من نوع آخر (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) لأن المقدمات تفرض نتائجها ، ولأن العمل يفرض الجزاء. وهذا هو جزاء الذين لا يعيشون مسئولية العمل ، فينحرفون به إلى غير ما يريده الله للإنسان وللحياة.
* * *