(وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) فلم يجعل الله أيّ شيء غامضا أمام الإنسان ، في ما يريد الله أن يقيم الحجة به عليه أو أن يعرفه بوسائله التي أعطاها له ، ولم يترك في الوجود شيئا إلا وأعطاه خصائصه وملامحه المميزة التي يتميز بها عن بقية الأشياء ، لتتحقق لكل الأشياء نتائجها الإيجابية أو السلبية من خلال ذلك. وقد أعطى الله للأشياء صفة الوضوح في أوضاعها الكونية ، سواء على مستوى الإنسان أو على مستوى الكون ، وحث على اكتشاف الأسرار العميقة في الكون ، أو المسؤوليات العامة في الشريعة ، لأن التفصيل يتمثل في طبيعة الأشياء في حركة الوجود والتشريع ، بحيث لو أراد الإنسان أن يعرفها لما وجد هناك مانعاً يمنعه من ذلك ، في مقابل الإجمال الذي يتمرد على كل وسائل المعرفة.
وتأتي هذه الآية في سياق الحديث عن الإنسان الذي يريد الله أن يهديه إلى الحياة الأقوم من خلال المنهج الأقوم ، ومن خلال ما سخره له من وسائل الهداية وأسباب الحركة وأجواء التوازن الكوني والعملي.
* * *