كالزنى ، فإن أهلها وعائلتها يعتبرون ذلك عارا عليهم ، فيبادرون إلى غسل العار يقتلها ، على أساس أنه لا يغسل إلا بالدم ، وقد يتحوّل هذا المفهوم إلى حالة وحشية ، تضغط على المشاعر بطريقة همجية تؤدي إلى وأد البنات ، لأنهم يخافون من العار إذا امتد العمر بالبنت فبلغت سن الشباب ، ووقعت أسيرة لدى الأعداء ، فيسيء ذلك إلى شرفهم كما يدّعون. وقد تنفجر هذه العقدة في المبادرة إلى قتل الفتاة أو المرأة ، لمجرّد اتهامها بالزنى ، وإن لم يثبت ذلك بطريقة شرعية.
إلا أن هذا المفهوم الإسلامي المرتكز على خط العدالة ، يؤكّد لنا خطأ هذا السلوك ، ويقرّر فردية الشرف ، فللمرأة شرفها الشخصي الذي يتعلق بها ولا يمتد إلى غيرها سلبا أو إيجابا ، وللرجل شرفه الشخصي كذلك ، على أساس طبيعة السلوك الذاتي الصادر عنهما ، ولا علاقة لأحد بالآخر في هذا المجال ، ولا فرق في ذلك بين الرّجل والمرأة ، بينما نرى المفهوم الجاهلي يفرق بينهما ، فيعتبر انحراف المرأة موجبا للعار على الأهل ، ولا يرى انحراف الرجل كذلك ، لأنه قد يرى في الزنى الذي يمارسه الرجل مظهرا للقوة لا للضعف ، لأنه العنصر الفاعل الإيجابي في هذه العملية ، أمّا المرأة فتمثل الجانب السلبي الذي يعبّر عن مظهر ضعف وانسحاق للشخصية.
وقد نجد من الضروريّ التأكيد على هذه المسألة في التربية الخلقية للإنسان المسلم ، بحيث تتحوّل الحالة الأخلاقية لديه إلى حالة شعورية وفكرية ، فلا يتأثر بما حوله من التقاليد الجاهلية في سلوكه العملي ، بل يكون الحكم الشرعي هو الأساس في بناء عاداته وتقاليده الخاصة والعامة ، حتى لا يعيش الازدواجية بين ما تفرضه الشريعة من مسئوليات ، وبين ما تفرضه التقاليد من عادات وانفعالات ، وقد يخضع لضغط التقاليد أكثر مما يخضع لتأثير الشريعة.
* * *