(لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) في تصوّرك للألوهية الخالقة القادرة المنعمة الراحمة ، وفي تصوراتك العقيدية والفكرية ، لأنك لن تجد غيره خالقا قادرا منعما رحيما ، فهو الذي أعطى كل شيء خلقه بقدرته ، وأفاض عليه كل النعم برحمته ، فكل شيء في الوجود مخلوق له ، فكيف يكون شريكا له؟ ولا تجعل معه إلها آخر في العبادة والطاعة ، فإنه ـ وحده ـ المستحق للعبادة من خلال العبودية الذاتية المطلقة التي يعيش فيها الخلق أمامه. وهكذا يكون التوحيد في العقيدة والعبادة ، منسجما مع الطبيعة الإنسانية في نداء الفطرة الصادر من الأعماق. ودليلا للعمل في الحياة ، فلا تترك السير على هداه (فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) لأنك ابتعدت عن مواقع الرحمة ومنابع النعمة ، فتعيش مذموما ، لأنّك أوقعت نفسك في الضياع والضلال ، ولأنك فقدت الصلة القوية بالله ، عند ما انحرفت عن خط الاستقامة في العقيدة والعمل ، ففقدت النصير الذي بيده النصر كله وله القوة كلها ، ولن تجد من دونه وليا ولا نصيرا ، فتعيش مخذولا عاجزا ذليلا.
* * *