فيكون مجموع السور التي افتتحت بالحروف المقطعة تسعا وعشرين سورة.
هذا ، وقد وقع خلاف بين العلماء في المعنى المقصود بتلك الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض السور القرآنية ، ويمكن إجمال خلافهم في رأيين رئيسين :
الرأى الأول يرى أصحابه : أن المعنى المقصود منها غير معروف ، فهي من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه.
وإلى هذا الرأى ذهب ابن عباس ـ في إحدى الروايات عنه ـ كما ذهب إليه الشعبي ، وسفيان الثوري ، وغيرهم من العلماء. فقد أخرج ابن المنذر وغيره عن الشعبي أنه سئل عن فواتح السور فقال : إن لكل كتاب سرا ، وإن سر هذا القرآن في فواتح السور.
ويروى عن ابن عباس انه قال : عجزت العلماء عن إدراكها. وعن على ـ رضى الله عنه ـ قال : «إن لكل كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي» وفي رواية أخرى عن الشعبي أنه قال : «سر الله فلا تطلبوه».
ومن الاعتراضات التي وجهت إلى هذا الرأى ، أنه إذا كان الخطاب بهذه الفواتح غير مفهوم للناس ، لأنه من المتشابه ، فإنه يترتب على ذلك أنه كالخطاب بالمهمل ، أو مثل ذلك كمثل المتكلم بلغة أعجمية مع أناس عرب لا يفهمونها.
وقد أجيب عن ذلك ، بأن هذه الألفاظ لم ينتف الإفهام عنها عند كل الناس ، فالرسول صلىاللهعليهوسلم كان يفهم المراد منها ، وكذلك بعض أصحابه المقربين ، ولكن الذي ننفيه أن يكون الناس جميعا فاهمين لمعنى هذه الحروف المقطعة في أوائل السور.
أما الرأى الثاني فيرى أصحابه : أن المعنى المقصود منها معلوم ، وأنها ليست من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه.
وأصحاب هذا الرأى قد اختلفوا فيما بينهم في تعيين هذا المعنى المقصود على أقوال كثيرة من أهمها ما يأتى :
١ ـ أن هذه الحروف أسماء للسور ، بدليل قول النبي صلىاللهعليهوسلم «من قرأ حم السجدة حفظ إلى أن يصبح». وبدليل اشتهار بعض السور بالتسمية بها ، كسورة «ص» وسورة «يس».
ولا يخلو هذا القول من الضعف ، لأن كثيرا من السور قد افتتحت بلفظ واحد من هذه الفواتح ، والغرض من التسمية رفع الاشتباه.