ويمتعكم : من الإمتاع ، وأصل الإمتاع الإطالة ، ومنه : أمتعنا الله بك أى : أطال لنا بقاءك.
والآية الكريمة معطوفة على قوله ـ سبحانه ـ قبل ذلك : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ..).
والمعنى : وعليكم ـ أيها الناس ـ بعد أن نبذتم كل عبادة لغير الله ، أن تديموا طلب مغفرته ورحمته ، وأن تتوبوا إليه توبة نصوحا ، فإنكم إن فعلتم ذلك (يُمَتِّعْكُمْ) الله ـ تعالى ـ (مَتاعاً حَسَناً) بأن يبدل خوفكم أمنا ، وفقركم غنى ، وشقاءكم سعادة.
قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أى : إلى نهاية حياتكم التي قدرها الله لكم في هذه الدنيا.
وقوله : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) أى : ويعط كل صاحب عمل صالح جزاء عمله.
فالمراد بالفضل الأول : العمل الصالح. والمراد بالفضل الثاني الثواب الجزيل من الله ـ تعالى ـ.
فالجملة الكريمة ، وعد كريم عن الله ـ تعالى ـ لكل من آمن وعمل صالحا.
وجملة (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) معطوفة على استغفروا. و (ثُمَ) هنا على بابها من التراخي ، لأن الإنسان يستغفر أولا ربه من الذنوب ، ثم يتوب إليه التوبة الصادقة النصوح التي لا رجعة معها إلى ارتكاب الذنوب مرة أخرى.
ووصف المتاع بالحسن ، ليدل على أنه عطاء ليس مشوبا بالمكدرات والمنغصات التي تقلق الإنسان في دنياه ، وإنما هو عطاء يجعل المؤمن يتمتع بنعم الله التي أسبغها عليه ، مع المداومة على شكره ـ سبحانه ـ على هذه النعم.
قال ـ تعالى ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
ثم حذر ـ سبحانه ـ من الإعراض عن طاعته فقال : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ).
أى : ذكرهم أيها الرسول الكريم بأن في إخلاصهم العبادة لله ، وفي طاعتهم له ، سعادتهم الدنيوية والأخروية ، وفي إعراضهم عن ذلك شقاؤهم وحلول العذاب بهم.
أى : إن تتولوا ـ أيها الناس ـ عن الحق الذي جئتكم به ، فإنى أخاف عليكم عذاب يوم القيامة ، الذي هو عذاب كبير هوله ، عظيم وقعه ، كما أخاف عليكم عذاب الدنيا.
فتنكير (يَوْمٍ) للتهويل والتعميم ، حتى يشمل عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، حيث