وقوله (إِماماً وَرَحْمَةً) منصوبان على الحالية من قوله (كِتابُ).
والمعنى ومن قبل هذا الشاهد على صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو القرآن الكريم أنزل الله ـ تعالى ـ على موسى كتابه التوراة مشتملا على صفات الرسول صلىاللهعليهوسلم و (إِماماً) يؤتم به في أمور الدين والدنيا ورحمة لبنى إسرائيل من العذاب إذا ما آمنوا به واتبعوا تعاليمه.
قال الشوكانى : وإنما قدم الشاهد على كتاب موسى مع كونه متأخرا في الوجود لكونه ـ أى الشاهد بمعنى المعجز ـ وصفا لازما غير مفارق فكان أغرق في الوصفية من كتاب موسى.
وهي شهادة كتاب موسى وهو التوراة أنه بشر بمحمد صلىاللهعليهوسلم وأخبر بأنه رسول من الله ـ تعالى ـ (١).
واسم الإشاره في قوله (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) يعود الى الموصوفين بأنهم على بينة من ربهم وهم النبي صلىاللهعليهوسلم وأتباعه المؤمنون الصادقون.
أى : أولئك الموصوفون بأنهم على بينة من ربهم يؤمنون بأن الإسلام هو الدين الحق وبأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسول صدق وبأن القرآن من عند الله ـ تعالى ـ وحده.
فالضمير في قوله (بِهِ) يعود على كل ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم من عند ربه ويدخل في ذلك دخولا أوليا القرآن الكريم.
وقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) بيان لسوء عاقبة الكافرين بما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم بعد بيان حسن عاقبة المؤمنين به.
والأحزاب جمع حزب وهم الذين تحزبوا وتجمعوا من أهل مكة وغيرهم لمحاربة الرسول صلىاللهعليهوسلم ودعوته.
أى : ومن يكفر بهذا القرآن وبما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم من هدايات فإن نار جهنم هي المكان الذي ينتظره وينتظر كل متحزب ضد دعوته صلىاللهعليهوسلم.
وفي جعل النار موعدا لهذا الكافر بالقرآن إشعار بأن فيها ما لا يحيط به الوصف من ألوان العذاب الذي يجعله لا يموت فيها ولا يحيا.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بالحض على النظر الصحيح الذي يؤدى إلى اليقين بأن ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم هو الحق الذي لا يشوبه باطل فقال ـ تعالى ـ : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ).
__________________
(١) تفسير فتح القدير للشوكانى ج ٢ ص ٤٨٨.