وقد ذكر العرش في القرآن الكريم في إحدى وعشرين آية ، وذكر الاستواء على العرش في سبع آيات.
أما الاستواء على العرش فذهب سلف الأمة الى أنه صفة الله ـ تعالى ـ بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل لاستحالة اتصافه ـ سبحانه ـ بصفات المحدثين ، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به فيجب الإيمان بها كما وردت وتفويض العلم بحقيقتها إلى الله ـ تعالى ـ.
فعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت في تفسير قوله ـ تعالى ـ (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) : الكيف غير معقول ، والاستواء مجهول ، والإقرار به من الإيمان ، والجحود به كفر.
وقال الإمام مالك : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة.
وقال محمد بن الحسن : اتفق الفقهاء جميعا على الإيمان بالصفات من غير تفسير ولا تشبيه.
وقال الإمام الرازي : «إن هذا المذهب هو الذي نقول به ونختاره ونعتمد عليه».
وذهب بعض علماء الخلف إلى وجوب صرف هذه الصفة وأمثالها عن الظاهر لاستحالة حملها على ما يفيده ظاهر اللفظ ، لأنه ـ سبحانه ـ مخالف للحوادث ، ووجوب حملها على ما يليق به ـ سبحانه ـ.
وعليه فإن الاستواء هنا : كناية عن القهر والعظمة والغلبة والسلطان وقوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) استئناف مسوق لتقرير عظمته ـ سبحانه ـ ولبيان حكمة استوائه على العرش.
والتدبير معناه : النظر في أدبار الأمور وعواقبها لتقع على الوجه المحمود.
والمراد به هنا : التقدير الجاري على وفق الحكمة التي اقتضتها إرادة الله ومشيئته.
والمراد بالأمر : ما يتعلق بأمور المخلوقات كلها من إنس وجن وغير ذلك من مخلوقاته التي لا تعد ولا تحصى.
أى أنه سبحانه يدبر أمر مخلوقاته تدبيرا حكيما ، حسبما تقتضيه إرادته وعبر بالمضارع في قوله : (يُدَبِّرُ) للإشارة الى تجدد التدبير واستمراره ، إذ أنه ـ سبحانه ـ لا يهمل شئون خلقه.
وقوله : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) استئناف آخر مسوق لبيان تفرده في تدبيره وأحكامه.
والشفيع مأخوذ من الشفع وهو ضم الشيء إلى مثله ، وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو