فالمراد من اليوم معناه اللغوي وهو مطلق الوقت.
وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن تلك الأيام من أيام الآخرة التي يوم منها كألف سنة مما تعدون.
قال الآلوسى : «وقيل هي مقدار ستة أيام من أيام الدنيا وهو الأنسب بالمقام ، لما فيه من الدلالة على القدرة الباهرة بخلق هذه الأجرام العظيمة في مثل تلك المدة اليسيرة ، ولأنه تعريف لنا بما نعرفه» (١).
وقال بعض العلماء : «ولا ندخل في تحديد هذه الأيام الستة ، فهي لم تذكر هنا لنتجه إلى تحديد مداها ونوعها ، وإنما ذكرت لبيان حكمة التدبير والتقدير في الخلق حسب مقتضيات الغاية من هذا الخلق ، وتهيئته لبلوغ هذه الغاية.
وعلى أية حال فالأيام الستة غيب من غيب الله ، الذي لا مصدر لإدراكه إلا هذا المصدر ، فعلينا أن نقف عنده ولا نتعداه ، والمقصود بذكرها هو الإشارة الى حكمة التقدير والتدبير والنظام الذي يسير مع الكون من بدئه إلى منتهاه» (٢).
وقال سعيد بن جبير : كان الله قادرا على أن يخلق السموات والأرض في لمحة ولحظة. ولكنه ـ سبحانه ـ خلقهن في ستة أيام ، لكي يعلم عباده التثبت والتأنى في الأمور.
وقوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) معطوف على ما قبله ، لتأكيد مزيد قدرته وعظمته ـ سبحانه ـ.
والاستواء من معانيه اللغوية الاستقرار ، ومنه قوله ـ تعالى ـ (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ).
أى : استقرت ، ومن معانيه ـ أيضا ـ الاستيلاء والقهر والسلطان ، ومنه قول الشاعر :
قد استوى بشر على العراق أى : استولى عليه وعرش الله ـ كما قال الراغب ـ مما لا يعلمه البشر على الحقيقة إلا بالاسم وليس كما تذهب إليه أوهام العامة ، فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له ـ تعالى الله عن ذلك ـ لا محمولا» (٣).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١١ ص ٦٤.
(٢) تفسير في ظلال القرآن ج ١١ ص ١٧٦٢ ـ طبعة دار الشروق.
(٣) المفردات في غريب القرآن ص ٣٢٩.