٣ ـ وقد ورد في سبب نزولها روايات متعددة ، منها ما روى عن سعد بن أبى وقاص أنه قال : أنزل القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتلاه على أصحابه زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا فنزلت سورة يوسف ...» (١).
٤ ـ طبيعة الفترة التي نزلت فيها هذه السورة : قلنا إن سورة يوسف كان نزولها بعد سورة هود ، وسبق أن بينا عند تفسيرنا لسورة هود ، أن هذه السورة الكريمة كان نزولها ـ على الراجح ـ في الفترة التي أعقبت حادث الإسراء والمعراج ..
ويبدو أن سورة يوسف ـ أيضا ـ كان نزولها في هذه الفترة ، التي تعتبر من أشق الفترات في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم إذ تعرض خلالها للكثير من أذى المشركين ، بعد أن فقد صلىاللهعليهوسلم في هذه الفترة عمه أبا طالب ، وزوجه السيدة خديجة ـ رضى الله عنها.
ونزول سورة يوسف في هذه الفترة ، كان من أعظم المسليات التي واسى الله ـ تعالى ـ بها نبيه صلىاللهعليهوسلم فقد أخبره عما دار بين يوسف وإخوته ، وعما تعرض له هذا النبي الكريم من مصائب وأذى ...
ولا شك أن في قصة يوسف وما يشبهها ، تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم عما أصابه من قومه.
٥ ـ والذي يطالع هذه السورة الكريمة بتدبر وتأمل ، يراها قد اشتملت على أوضح الدلائل ، وأنصع البراهين ، التي تشهد بأن هذا القرآن من عند الله ...
فقد قصت علينا قصة يوسف ـ عليهالسلام ـ مع إخوته ومع غيرهم بأسلوب مشوق حكيم ، يهدى النفوس ، ويشرح الصدور ، ويكشف عن الخفايا التي لا يعلمها أحد إلا الله ـ تعالى ـ ، ويصور أحوال النفس الإنسانية تصويرا بديعا معجزا ...
كما يراها قد ساقت ما ساقت من حكم وأحكام ، وعبر وعظات ، بأسلوب يمتاز بحسن التقسيم ، وجمال العرض ، حتى إننا لنستطيع أن نقسم أهم الموضوعات التي تحدثت عنها إلى عشرة أقسام.
(أ) أما القسم الأول (٢) منها ، فنراها تتحدث فيه عن جانب من فضائل القرآن الكريم ، وعن رؤيا يوسف ـ عليهالسلام ـ وعن نصيحة أبيه له بعد أن قصها عليه ...
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٢ ص ١٧٠.
(٢) الآيات من ١ ـ ٦.