بيتها ، بعد أن كان منها معه ما يستلزم عدم اجتماعهما.
هذا ومن العبر والعظات والأحكام التي نأخذها من هذه الآيات الكريمة :
١ ـ أن اختلاط الرجال بالنساء. كثيرا ما يؤدى إلى الوقوع في الفاحشة وذلك لأن ميل الرجل إلى المرأة وميل المرأة إلى الرجل أمر طبيعي ، وما بالذات لا يتغير.
ووجود يوسف ـ عليهالسلام ـ مع امرأة العزيز تحت سقف واحد في سن كانت هي فيه مكتملة الأنوثة ، وكان هو فيها فتى شابا جميلا ... أدى إلى فتنتها به ، وإلى أن تقول له في نهاية الأمر بعد إغراءات شتى له منها : «هيت لك».
ولا شك أن من الأسباب الأساسية التي جعلتها تقول هذا القول العجيب وجودهما لفترة طويلة تحت سقف واحد.
لذا حرم الإسلام تحريما قاطعا الخلوة بالأجنبية ، سدا لباب الوقوع في الفتن ، ومنعا من تهيئة الوسائل للوقوع في الفاحشة.
ومن الأحاديث التي وردت في ذلك ما رواه الشيخان عن عقبة بن عامر ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار ، أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال : الحمو الموت (١)». والحمو هو قريب الزوج كأخيه وابن عمه.
وسئلت امرأة انحرفت عن طريق العفاف ، لما ذا كان منك ذلك فقالت : قرب الوساد ، وطول السواد (٢).
أى : حملني على ذلك قربى ممن أحبه وكثرة محادثتى له!
٢ ـ أن هم الإنسان بالفعل ، ثم رجوعه عنه قبل الدخول في مرحلة التصميم والتنفيذ ، لا مؤاخذة فيه.
قال القرطبي ما ملخصه : «الهم الذي هم به يوسف ، من نوع ما يخطر في النفس ، ولا يثبت في الصدر ، وهو الذي رفع الله فيه المؤاخذة عن الخلق ، إذ لا قدرة للمكلف على دفعه.
وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «قالت الملائكة يا ربنا ذلك عبدك يريد أن يعمل سيئة ـ وهو أبصر به ـ فقال : ارقبوه فإن
__________________
(١) من كتاب (رياض الصالحين) ص ٦٢١ باب تحريم الخلوة بالأجنبية.
(٢) الوساد معروف وهو ما يتوسد به الإنسان عند نومه ـ والسواد ـ بكسر السين مصدر ساوده إذا أسر إليه بالحديث. قالوا : وهذه الكلمة كانت لابنة الخص ، اعتذرت بها عن نفسها بعد أن فتنت فقيل لها لما ذا هذا السلوك وأنت سيدة قومك؟ فقالت هذه الكلمة التي ذهبت مثلا ... راجع تفسير المنار ج ١٢ ص ٢٧٨.