وأخرج مجاهد عن ابن الزبير ، وابن مردويه من طريق العوفى عن ابن عباس ، ومن طريق ابن جريج وعثمان بن عطاء عنه أنها مدنية.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أنها مدنية إلا قوله ـ تعالى ـ (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ ...) الآية فإنها مكية.
وروى أن من أولها إلى آخر قوله ـ تعالى ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ...).
نزل بالمدينة ، أما باقيها فنزل في مكة ... (١).
هذه بعض الروايات في زمان نزولها ، وهي ـ كما ترى ـ التعارض فيها واضح.
والذي تطمئن إليه النفس ، أن السورة الكريمة يبدو بوضوح فيها طابع القرآن المكي ، سواء أكان ذلك في موضوعاتها ، أم في أسلوبها ، أم في غير ذلك من مقاصدها وتوجيهاتها.
وأن نزولها ـ على الراجح ـ كان في الفترة التي أعقبت موت أبى طالب ، والسيدة خديجة ـ رضى الله عنها.
وهي الفترة التي لقى فيها الرسول صلىاللهعليهوسلم ما لقى من أذى المشركين وعنتهم ، وطغيانهم ...
والذي جعلنا نرجح أن نزولها كان في هذه الفترة ، ما اشتملت عليه السورة الكريمة ، من أدلة متنوعة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته ، ومن تسلية له صلىاللهعليهوسلم عما أصابه من قومه ـ كما سنرى ذلك عند تفسيرنا لآياتها ، كذلك مما جعلنا نرجح أن نزولها كان في هذه الفترة ، قول السيوطي في كتابه الإتقان : «ونزلت بمكة سورة الأعراف ، ويونس ، وهود ، ويوسف ، والرعد ...» (٢).
وقد رجحنا عند تفسيرنا لسورة يونس ، وهود ، ويوسف ـ عليهمالسلام ـ أن هذه السور قد نزلت في تلك الفترة من حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ونرجح هنا أن نزول سورة الرعد كان في تلك الفترة ـ أيضا ـ لمناسبة موضوعاتها لأحداث هذه الفترة.
٥ ـ عرض إجمالى لسورة الرعد :
(ا) لقد افتتحت السورة الكريمة بالثناء على القرآن الكريم ، وبالإشارة إلى إعجازه ، ثم ساقت ألوانا من الأدلة على قدرة الله ـ تعالى ـ ووحدانيته وعظيم حكمته ...
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ٧٥.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ج ١ ص ١٢ طبعة مصطفى الحلبي.