وخص ـ سبحانه ـ النخيل بوصفه بصنوان ، لأن العبرة به أقوى ، إذ المشاهدة له أكثر من غيره.
ووجه زيادة (غَيْرُ صِنْوانٍ) تجديد العبرة باختلاف الأحوال ، واقتصر ـ سبحانه ـ في التفاضل على الأكل ، لأنه أعظم المنافع.
وقوله ـ سبحانه ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) تذييل قصد به الحض على التعقل والتدبر.
أى : إن في ذلك الذي فصل الله ـ تعالى ـ أحواله من اختلاف أجناس الثمرات والزروع في أشكالها وألوانها وطعومها وأوراقها ... مع أنها تسقى بماء واحد. وتنبت في أرض متجاورة ، إن في ذلك كله لدلائل باهرة ، على قدرة الله ـ تعالى ـ واختصاصه بالعبادة ، لقوم يستعملون عقولهم في التفكير السليم ، والتأمل النافع.
أما الذين يستعملون عقولهم فيما لا ينفع ، فإنهم يمرون بالعبر والعظات وهم عنها معرضون.
وبذلك نرى أن الله ـ تعالى ـ قد ساق في هذه الآيات أدلة متعددة ومتنوعة من العالم العلوي والسفلى ، وكلها تدل على عظيم قدرته ، وجليل حكمته.
وهذه الأدلة منها :
١ ـ خلقه السموات مرتفعة بغير عمد.
٢ ـ تسخيره الشمس والقمر لمنافع الناس.
٣ ـ خلقه الأرض بتلك الصورة الصالحة للاستقرار عليها.
٤ ـ خلقه الجبال فيها لتثبيتها.
٥ ـ خلقه الأنهار فيها لمنفعة الإنسان والحيوان والنبات.
٦ ـ خلقه زوجين اثنين من كل نوع من أنواع الثمار.
٧ ـ معاقبته بين الليل والنهار.
٨ ـ خلقه بقاعا في الأرض متجاورة مع اختلافها في الطبيعة والخواص.
٩ ـ خلقه أنواعا من الزروع المختلفة في ثمارها وأشكالها.
١٠ ـ خلقه النخيل صنوانا وغير صنوان ، وجميعها تسقى بماء واحد.
ومع كل ذلك فضل ـ سبحانه ـ بعضها على بعض في الأكل.