والآصال : جمع أصيل وهو ما بين العصر وغروب الشمس.
والمعنى : ولله ـ تعالى ـ وحده يخضع وينقاد جميع من في السموات والأرض من الملائكة والإنس والجن وغيرهم.
وقوله «طوعا وكرها» منصوبان على الحال من «من» ، أى : أن جميعهم يسجدون لله ، وينقادون لعظمته ، حال كونهم طائعين وراضين بهذا السجود والانقياد ، وحال كونهم كارهين وغير راضين به ، لأنهم لا يستطيعون الخروج على حكمه لا في الإيجاد ولا في الإعدام ولا في الصحة ولا في المرض ، ولا في الغنى ولا في الفقر ... فهم خاضعون لأمره شاءوا أم أبوا.
ويستوي في هذا الخضوع المؤمن والكافر ، إلا أن المؤمن خاضع عن طواعية بذاته وبظاهره وبباطنه لله ـ تعالى ـ.
أما الكافر فهو خاضع لله ـ تعالى ـ بذاته ، ومتمرد وجاحد وفاسق عن أمر ربه بظاهره ، والضمير في قوله ـ سبحانه ـ (وَظِلالُهُمْ) يعود على (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
أى : لله ـ تعالى ـ يخضع من في السموات والأرض طوعا وكرها ويخضع له ـ أيضا ـ بالغدو والآصال ظلال من له ظل منهم ، لأن هذه الظلال لازمة لأصحابها والكل تحت قهره ومشيئته في الامتداد والتقلص والحركة والسكون.
قال ـ تعالى ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) (١).
وقال تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ ، وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٢).
ثم وجه ـ سبحانه ـ عن طريق نبيه صلىاللهعليهوسلم أسئلة تهكمية إلى هؤلاء المشركين المجادلين في ذات الله ـ تعالى ـ وفي صفاته ، وساق لهم أمثلة للحق وللباطل ، وبين لهم حسن عاقبة المستجيبين لدعوة الحق ، وسوء عاقبة المعرضين عنها فقال ـ تعالى ـ :
__________________
(١) سورة النحل الآية ٤٨.
(٢) سورة آل عمران الآية ٨٣.