الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(٤٣)
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ثناء منه ـ سبحانه ـ على الذين عرفوا الحق من أهل الكتاب فاتبعوه.
والمراد بالكتاب هنا : التوراة والإنجيل.
والمعنى : والذين أعطيناهم التوراة والإنجيل ، فآمنوا بما فيهما من بشارات تتعلق بك ـ أيها الرسول الكريم ـ ، ثم آمنوا بك عند إرسالك رحمة للعالمين.
هؤلاء الذين تلك صفاتهم ، يفرحون بما أنزل إليك من قرآن ، لأن ما فيه من هدايات وبراهين على صدقك ، يزيدهم إيمانا على إيمانهم ، ويقينا على يقينهم.
وقيل : المراد بالكتاب القرآن الكريم ، وبالموصول أتباع النبي صلىاللهعليهوسلم من المسلمين.
فيكون المعنى : والذين آتيناهم الكتاب ـ وهو القرآن ـ فآمنوا بك وصدقوك يفرحون بكل ما ينزل عليك منه ، لأنه يزيدهم هداية على هدايتهم.
ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح ، لأن الآية الكريمة سيقت بعد الحديث عن عاقبة الذين اتقوا وهم المؤمنون الصادقون ، وعاقبة الكافرين. ولأن فرح المؤمنين بنزول القرآن أمر مسلم به فلا يحتاج إلى الحديث عنه.
ومن المفسرين الذين اقتصروا في تفسيرهم للآية على الرأى الأول الإمام ابن كثير فقد قال : يقول الله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) وهم قائمون بمقتضاه (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) أى : من القرآن ، لما في كتبهم من الشواهد على صدقه صلىاللهعليهوسلم والبشارة