كانت تملك الأراضي الفسيحة ، والأماكن المترامية الأطراف.
فالآية الكريمة بشارة للمؤمنين ، وإنذار للكافرين.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) (١).
قال الآلوسى ما ملخصه : «وروى عن ابن عباس أن المراد بانتقاص الأرض : موت أشرافها وكبرائها وذهاب العلماء منها. وعليه يكون المراد بالأرض جنسها وبالأطراف الأشراف والعلماء ، وشاهده قول الفرزدق :
واسأل بنا وبكم ، إذا وردت منى |
|
أطراف كل قبيلة ، من يتبع؟ |
يريد أشراف كل قبيلة.
وتقرير الآية عليه : أو لم يروا أنا نحدث في الدنيا من الاختلافات خرابا بعد عمارة ، وموتا بعد حياة ، وذلا بعد عز ... فما الذي يؤمنهم أن يقلب الله ـ تعالى ـ الأمر عليهم فيجعلهم أذلة بعد أن كانوا أعزة ...
ثم قال : وهو كما ترى :
والأول ـ وهو أن يكون المراد بالأرض : أرض الكفر ، وبالأطراف الجوانب ـ أوفق بالمقام ، ولا يخفى ما في التعبير بالإتيان المؤذن بعظيم الاستيلاء من الفخامة ، وجملة «ننقصها» في موضع الحال من فاعل نأتى ...» (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) بيان لعلو شأن حكمه ـ تعالى ـ ونفاذ أمره.
والمعقب : هو الذي يتعقب فعل غيره أو قوله فيبطله أو يصححه.
أى : والله ـ تعالى ـ يحكم ما يشاء أن يحكم به في خلقه ، لا راد لحكمه ، ولا دافع لقضائه ، ولا يتعقب أحد ما حكم به بتغيير أو تبديل ، وقد حكم ـ سبحانه ـ بعزة الإسلام ، وعلو شأنه وشأن أتباعه على سائر الأمم والأديان ...
وقوله (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أى : وهو ـ سبحانه ـ سريع المحاسبة والمجازاة ، لأنه لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه غيره من الإحصاء والعد ، إذ هو ـ سبحانه ـ محيط بكل شيء ، فلا تستبطئ. عقابهم ـ أيها الرسول الكريم ـ فإن ما وعدناك به واقع لا محالة.
__________________
(١) سورة الأنبياء الآية ٤٤.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ١٥٥.