نهى عن بيع الطعام إلاّ مثلا بمثل (١) ، وهو عامّ في المكيل وغيره. ولأنّ الطعم وصف شرف ، فإنّ به قوام الأبدان ، والثمنيّة وصف شرف ، فإنّ بها قوام الأموال ، فيجري الربا في كلّ مطعوم دخله الكيل والوزن أولا ، كالبطّيخ والأترج والسفرجل والخيار والبيض ، وسواء أكل نادرا ، كالبلّوط ، أو غالبا ، وسواء أكل وحده أو مع غيره ، وسواء أكل تقوّتا أو تأدّما أو تفكّها أو غيرها ممّا يقصد للطعم غالبا دون ما ليس بمطعوم وإن كان موزونا ، كالحديد والرصاص والأشنان ـ ويبطل بقول الصادق عليهالسلام : « لا يكون الربا إلاّ فيما يكال أو يوزن » (٢) ـ لأنّ قوله عليهالسلام : « الطعام بالطعام مثل بمثل » (٣) علّق الحكم باسم الطعام ، والحكم المعلّق بالاسم المشتقّ معلّل بما منه الاشتقاق ، كالقطع المعلّق باسم السارق ، والحدّ المعلّق باسم الزاني (٤).
وقال الشافعي في القديم : العلّة في الأربع كونه مطعوم جنس مكيلا أو موزونا ، فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن ، ولا فيما ليس بمطعوم. وبه قال سعيد بن المسيّب وأحمد في رواية ، لأنّ سعيد بن المسيّب روى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ربا إلاّ فيما كيل أو وزن ممّا يؤكل أو
__________________
(١) أورد نصّه ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٧ ، وانظر : صحيح مسلم ٢ : ١٢١٤ ، ١٥٩٢ ، وسنن الدار قطني ٣ : ٢٤ ، ٨٤.
(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٣٦ ، الهامش (١).
(٣) صحيح مسلم ٢ : ١٢١٤ ، ١٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٤ ، ٨٤.
(٤) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٧ ، المجموع ٩ : ٣٩٣ و ٣٩٥ و ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٤ ـ ٤٥ و ٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ و ٧٤ و ٧٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٢.