ثم قال صلىاللهعليهوآله : يا أخي أبشر .. أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه أهله وتظاهروا عليه وكادوا أن يقتلوه ، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك ، فإنها ضغائن في صدور قوم أحقاد بدر وترات أحد. وإن موسى أمر هارون حين استخلفه في قومه : إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم ، وإن لم يجد أعوانا : أن يكفّ يده ويحقن دمه ، ولا يفرّق بينهم ، فافعل أنت كذلك : إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك ، فإنك إن نابذتهم قتلوك ، واعلم أنك إن لم تكف يدك وتحقن دمك إذا لم تجد أعوانا أتخوّف أن يرجع الناس إلى عبادة الأصنام والجحود بأني رسول الله ، فاستظهر بالحجة عليهم وادعهم ليهلك الناصبون لك والباغون عليك ويسلم العامة والخاصة ، فإذا وجدت يوما أعوانا على إقامة الكتاب والسنة فقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله (١).
وروى عنه عليهالسلام قال : أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله : أن الأمة ستخذلني وتبايع وتتبع غيري ، وبما الأمة صانعة بي بعده ...
فقلت : يا رسول الله فما تعهد إليّ إذا كان ذلك؟
قال : إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك ، حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنّتي أعوانا ، وأخبرني : أني منه بمنزلة هارون من موسى ، وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه إذ قال له موسى : (... يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)(٢)؟! (... قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٧٦٧ ، ٧٧٠.
(٢) طه : ٩٢ ـ ٩٣.