فأجاب أمير المؤمنين عليهالسلام : يا معشر المهاجرين ، الله الله ، لا تنسوا عهد نبيّكم إليكم في أمري ، ولا تخرجوا سلطان محمد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم ولا تدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس.
فو الله ـ معاشر الجمع ـ إن الله قضى وحكم ـ ونبيّه أعلم وأنتم تعلمون ـ بأنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم. أما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، المضطلع بأمر الرعيّة؟! والله إنه لفينا لا فيكم ، فلا تتّبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا ، وتفسدوا قديمكم بشرّ من حديثكم.
فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطّأ الأرض لأبي بكر :
يا أبا الحسن (والحسن معه) لو كان هذا الأمر سمعته الأنصار منك قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان!
فقال علي عليهالسلام : يا هؤلاء ، ما كنت أدع رسول الله مسجّى لا أواريه وأخرج انازع في سلطانه ، والله ما خفت (أو ما ظننت) أحدا يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه ويستحلّ ما استحللتموه ، ولا علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله ترك يوم غدير خم لأحد حجة ولا لقائل مقالا.
فارتفعت الأصوات وكثر الكلام فخشى عمر أن يصغى الناس إلى قول علي عليهالسلام فقال له : إنّ الله يقلّب القلوب ، ولا تزال ـ يا أبا الحسن ـ ترغب عن قول الجماعة ، ثم فسخ المجلس ... فانصرفوا يومهم ذلك (١).
فالطبرسي يوافق المصدرين السابقين في فسخ المجلس بلا بيعة هنا مع فارق احتجاجه عليهالسلام بنصّ الغدير ، إلّا أنه يتبعه بخبر سليم عن سلمان : أنه عليهالسلام بعد تلاوته الآية في اعتذار هارون من موسى تناول يده أبو بكر فبايعه (٢).
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ٩٦ ـ ٩٧.
(٢) الاحتجاج ١ : ١١٠ ، عن سليم بن قيس ٢ : ٥٩٣.