ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة (والدلالة) ومهبط (ملك) الوحي الأمين ، والطّبين (الخبير) بأمر الدنيا والدين! (أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)(١).
وما نقموا من أبي حسن؟! نقموا ـ والله ـ منه نكير سيفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزوجل.
والله لو تكافّوا عن زمام نبذه (إليه) رسول الله صلىاللهعليهوآله لاعتلقه ولسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا ، تطفح ضفتاه (ولا يترنّح جانباه) ولأصدرهم بطانا ، قد تخيّر لهم الرّي ، غير متحلّ منه بطائل إلّا بغمر الماء وردعة سورة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون.
ألا هلمّ فاسمع «وما عشت أراك الدهر العجب» وإن تعجب فقد أعجبك الحادث : إلى أيّ سناد استندوا؟ وبأي عروة تمسّكوا؟ استبدلوا الذنابى والله بالقوادم ، والعجز بالكاهل! فرغما لمعاطس قوم (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)(٢) ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ)(٣) ، (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(٤).
أما لعمرو إلهك لقد لقحت ، فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممقرا ، هنالك (يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ)(٥) ويعرف التالون غبّ
__________________
(١) الزمر : ١٥.
(٢) الكهف : ١٠٤.
(٣) البقرة : ١٢.
(٤) يونس : ٣٥.
(٥) الجاثية : ٢٧.