فقال خالد : والله لأقتلنّكم! فقال شيخ منهم : أليس قد نهاكم أبو بكر أن تقتلوا من صلّى للقبلة؟! قال خالد : بلى ، ولكنكم لم تصلّوا (١).
فوثب أبو قتادة إلى خالد وقال له : أشهد أنك لا سبيل لك عليهم! قال خالد : وكيف ذلك؟
قال : لأني كنت في السريّة التي وافتهم ، فلما نظروا إلينا قالوا : من أين أنتم؟ قلنا : نحن المسلمون ، فقالوا : ونحن المسلمون ، ثم أذّنا وصلّينا فصلّوا معنا (٢).
فقال خالد : صدقت يا أبا قتادة إن كانوا قد صلّوا معكم فقد منعوا الزكاة التي تجب عليهم ، فلا بدّ من قتلهم! فقدّمهم وضرب أعناقهم ولم يلتفت إلى كلام شيخ منهم (٣).
وقال أحدهم شعرا :
حرمت عليه دماؤنا بصلاتنا |
|
والله يعلم أننا لم نكفر (٤) |
فأتاه مالك بن نويرة يناظره واتبعته امرأته ، ورآها خالد فأعجبته (٥).
فقال له مالك : أتقتلني وأنا مسلم أصلّي إلى القبلة؟!
قال خالد : لو كنت مسلما لما منعت الزكاة ولا أمرت قومك بمنعها ، والله لا قلت ما في مثابتك حتى أقتلك (٦)!
__________________
(١) كتاب الردة للواقدي : ١٠٦ ، والفتوح لابن الأعثم ١ : ١٩.
(٢) كتاب الردة للواقدي : ١٠٦ ، وتاريخ ابن الخياط : ٥٣ ، عن ابن إسحاق عن ابن أبي بكر ، وفتوح البلدان للبلاذري : ١٠٣ ، والفتوح لابن الأعثم ١ : ٢١ ، والطبري ٣ : ٢٧٨.
(٣) كتاب الردة للواقدي : ١٠٦ ، والفتوح لابن الأعثم ١ : ٢٠.
(٤) كتاب الردة للواقدي : ١٠٧.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٣١.
(٦) كتاب الردة للواقدي : ١٠٧ ، والفتوح الكبرى لابن الأعثم ١ : ٢٠٥.