وقال عبد الرحمن بن عوف : أقم وابعث فإنه إن انهزم جيشك فليس ذلك كهزيمتك ، ولكنك إن تهزم أو تقتل يكفر المسلمون ولا يشهدوا أن لا إله إلّا الله أبدا (١)! فقال : فمن أبعث؟ فقال : سعد بن أبي وقاص. قال : أعلم أن سعدا رجل شجاع ولكني أخشى أن لا يكون له معرفة بتدبير الحرب. قال : هو على ما تصف من الشجاعة وقد صحب رسول الله وشهد بدرا فاعهد إليه عهدا فإنه لن يخالف أمرك.
وقال عثمان : أقم وابعث بالجيوش ، فإنه لا آمن إن أتى عليك آت أن ترجع العرب عن الإسلام (؟!) ولكن ابعث الجيوش ودارك بعضها ببعض ، وابعث عليهم رجلا له تجربة بالحرب وبصر بها. قال عمر : ومن هو؟ قال : علي بن أبي طالب. قال : فالقه وكلّمه وذاكره في ذلك فهل تراه يسرع لذلك أو لا؟ فلقى عثمان عليا عليهالسلام فذاكره في ذلك فأبى ذلك ، فعاد عثمان إلى عمر فأخبره. فقال عمر : ومن ترى؟ قال : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. قال : ليس بصاحب ذلك. فقال عثمان : فطلحة بن عبيد الله ، فقال عمر : أين أنت عن رجل شجاع ضروب بالسيف رام بالنبل ، ولكني أخشى أن لا يكون له معرفة بتدبير الحرب؟ قال : ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال : سعد بن أبي وقّاص. فقال عثمان : هو صاحب ذاك ،
__________________
(١) أفهل من الحق أن يصدّق ابن عوف أنّ الناس كلهم كانوا يعبدون الله هكذا على حرف؟! هذا وقد قال المسعودي قبل هذا : إن عمر قال لعليّ : يا أبا الحسن ما ترى أسير أم أبعث؟ فقال علي عليهالسلام : سر بنفسك ؛ فإنه أهيب للعدوّ وأرهب له! مروج الذهب ٢ : ٣٠٩. أي على خلاف ما هو المعروف من مشورته عليهالسلام لعمر كما في نهج البلاغة ، وتلك لم تكن ليوم القادسية بل لفتح الفتوح في نهاوند بعد بناء العراقين المذكورين في الخبر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.