ثم وجّه سعد إلى كسرى بالنعمان بن مقرّن ومعه جماعة يدعونه إلى الإسلام ، فلبسوا أحسن زيّهم من البرود وتنعّلوا وساروا حتى دخلوا عليه فأخبروه بما وجّههم له سعد ودعوه إلى الإسلام وإلى شهادة الحق أو أداء الجزية ، فأغضبه ذلك ، ودعا بكيس من تراب وأمرهم أن يحملوه على رأس رئيسهم وقال : لو لا أن الرسل لا تقتل لقتلتهم! فقال عاصم بن عمرو التميمي : أنا سيّد القوم ، فحمّلوه التراب ، فقال : والله لقد ظفرنا بهم ووطئنا أرضهم!
ودعا كسرى برستم (١) وأمره أن يتوجه إليهم ، فأبدى كراهيته لذلك ، فحمل عليه بالقول ، فخرج من عنده مكرها على ذلك.
فلما صار إلى صحراء النجف وجّه إلى سعد : أن ابعث إليّ بقوم من عندكم لأناظرهم.
فأرسل سعد إليه دهاة العرب عنده ، وهم تسعة : بشر بن أبي رهم ، وحذيفة بن محصن ، وربعي بن عامر ، وشعبة بن مرّة ، وعرفجة بن هرثمة الأزدي حليف بني بجلة وزعيمهم السابق ، وقرفة بن زاهر ، ومذعور بن عدي ، ومضارب بن يزيد ، والمغيرة بن شعبة الثقفي (٢) فأدخلوا عليه واحدا بعد واحد ، كل واحد منهم يقول مثل مقالة صاحبه من الدعوة إلى الإسلام أو أداء الجزية.
__________________
(١) رستم بن فرّخ زاد الأرمني ، وعسكر في ساباط المدائن. الطبري ٣ : ٤٩٥ ، ثم ارتحل رستم فنزل النجف ، وكان بين خروجه من المدائن وعسكرته في ساباط وزحفه منها إلى أن لقي سعدا : أربعة أشهر يطاولهم ليضجروا فينصرفوا بغير قتال. الطبري ٣ : ٥٠٩.
(٢) في تاريخ خليفة : ٧١ ـ ٧٢ : أقاموا شهرا وكتب سعد إلى عمر يستمده ، فأمدّهم أهل البصرة بألف وخمس مائة ، قيس بن المكشوح في سبع مائة والمغيرة بن شعبة الثقفي في أربع مائة. وانظر الرسل الدعاة : ١٤ شخصا في الطبري ٣ : ٤٩٦ والتسعة في ٣ : ٥١٨.