وروي عن أبي بكر الهذلي : أن الفرس تكاتبوا وأرسل بعضهم إلى بعض : أنّ ملك العرب غير منته عنكم حتى تخرجوا جنوده من بلادكم وتغزوه في بلاده. فتعاقدوا على ذلك وتعاهدوا عليه. وانتهى الخبر إلى المسلمين بالكوفة فأنهوه إلى عمر بن الخطّاب ، فأتى إلى مسجد رسول الله وصعد المنبر فقال :
معاشر المهاجرين والأنصار ؛ إن الشيطان قد جمع لكم جموعا وأقبل بها ليطفئ نور الله ؛ ألا إنّ أهل همدان وأهل اصفهان والريّ وقومس ونهاوند قد تعاهدوا وتعاقدوا أن يخرجوا إخوانكم المسلمين من بلادهم ويخرجوا إليكم فيغزوكم في بلادكم! فأشيروا عليّ.
فقام عثمان بن عفّان فقال : إني أرى أن تشخص أهل الشام من شامهم وأهل اليمن من يمنهم ، وتسير أنت في أهل هذين الحرمين ، وأهل المصرين الكوفة والبصرة ، فتلقى جمع المشركين (كذا) بجمع المؤمنين .. فاحضره بنفسك ولا تغب عنه. وجلس.
وقام طلحة بن عبيد الله التيمي وحمد الله وأثنى عليه ثم أثنى على عمر خيرا وقال : فاحضر هذا الأمر بنفسك ولا تغب عنه. وجلس ، فلم يكتف بهما عمر وقال : تكلّموا. وكان فيهم علي عليهالسلام وكأنّه عناه فقام وحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسول الله ثم قال :
أما بعد ، فإنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم ، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم ، وإن أشخصت من بهذين الحرمين انتقضت العرب عليك من أطرافها وأكنافها حتى يكون ما تدع وراء ظهرك من عيالات العرب أهمّ إليك مما بين يديك.
وأما ذكرك كثرة العجم ورهبتك من جموعهم ؛ فإنا لم نكن نقاتل بالنصر.