ثم شايع جمعا منهم إلى العراق منهم قرظة بن كعب فقال لهم : أتدرون لم شيّعتكم؟ قالوا : نعم مكرمة لنا! قال : ومع ذلك أنكم تأتون أهل قرية (الكوفة) لهم دويّ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالأحاديث فتشغلوهم! جرّدوا القرآن ، وأقلّوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم!
ولما بعث أبا موسى الأشعري للبصرة قال له : إنك تأتي قوما لهم في مساجدهم دويّ بالقرآن كدويّ النحل ، فدعهم على ما هم عليه ولا تشغلهم بالأحاديث! وأنا شريكك في ذلك.
ولعله استردّ عبد الله بن مسعود الهذلي من العراق لكثرة حديثه فحبسه ومعه أبو مسعود الأنصاري وعويمر أبو الدرداء وقال لهم : قد أكثرتم الحديث عن رسول الله فحبسهم حتى قتل.
وقال لأبي هريرة : لتتركنّ الحديث عن رسول الله أو لالحقنّك بأرض دوس (١)!
هذا وقد حكى عنه كان يقول : اكتبوا عن الزاهدين في الدنيا ما يقولون! فإن الله عزوجل وكّل بهم الملائكة واضعة أيديهم على أفواههم فلا يتكلّمون إلّا بما هيّأه الله لهم (٢)!
وقال يوما على المنبر : ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها! فأفتوا بآرائهم فضلّوا وأضلّوا. ألا إنا نقتدي ولا نبتدي! ونتّبع ولا نبتدع! إنّه ما ضلّ متمسك بالأثر (٣)!
__________________
(١) انظر الغدير ٦ : ٢٩٤ ـ ٢٩٥ ، المورد : ٩٢ ، ومن تاريخ الحديث للمؤلف : ٥٢.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١٢ : ٩٣.
(٣) شرح النهج للمعتزلي ١٢ : ١٠٢. هذا وقد أذن لتميم الداري اللخمي الشامي أن يقصّ على الناس قبل الخطبة يوم الجمعة في المسجد ، انظر تدوين القرآن للكوراني : ٤٤٤ ـ ٤٤٨.