«أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أنا جندب بن جنادة الرّبذي (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١) محمد الصفوة من نوح ، فالأصل من إبراهيم والسلالة من إسماعيل ، والعترة الهادية من محمد (٢) أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ، وهم كالسماء المرفوعة والجبال المنصوبة والكعبة المستورة ، والعين الصافية والنجوم الهادية والشجرة المباركة ، أضاء نورها وبورك زيتها. محمد خاتم الأنبياء وسيّد ولد آدم وعلي وصي الأوصياء ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجّلين ، وهو الصديق الأكبر والفارق الأعظم ، وصيّ محمد ووارث علمه ، وأولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ... فقدّموا من قدّم الله وأخّروا من أخّر الله ، واجعلوا الولاية والوزارة لمن جعل له الله (٣).
فما بالكم أيتها الامة المتحيّرة بعد نبيّها ، لو قدّمتم من قدّم الله ، وخلّفتم الولاية لمن خلّفها النبيّ له لما عال وليّ ولما اختلف اثنان في حكم ، ولا سقط سهم من فرائض الله ، ولا تنازعت هذه الامة في شيء من أمر دينها إلّا وجدتم علم ذلك عند أهل بيت نبيّكم ، فإنّ الله يقول : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) فذوقوا وبال ما فرّطتم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)» (٤).
وروى الحلبي في القسم الثاني من «تقريب المعارف» عن الثقفي في تاريخه عن المعرور بن سويد : أن أبا ذر قطع على عثمان خطبته فحدّث الناس
__________________
(١) آل عمران : الآيتان ٣٣ ـ ٣٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧١ وفيه ما بعده باختلاف في الألفاظ.
(٣) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٥٩٢.
(٤) تفسير فرات الكوفي : ٨٢.