ولا أسمع بها حسيسا ، وإني والله ما اريد إلّا الله عزوجل صاحبا ، ومالي مع الله من وحشة ، حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين (١).
وجاء مختصره في خبر المفيد عن الثقفي قال : قال عثمان : أخرجوه من بين يديّ حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء ثم انخسوا به وتعتعوه حتى توصلوه الربذة ، فنزّلوه بها من غير أنيس ، حتى يقضى الله ما هو قاض! ولا يشيّعه أحد من الناس!
فأخرجوه بالعصي متعتعا.
وبلغ ذلك أمير المؤمنين عليا عليهالسلام فبكى حتى بلّ لحيته بدموعه وقال : أهكذا يصنع بصاحب رسول الله؟! إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم اجتمع إليه أبناء عمه العباس : الفضل وقثم وعبد الله وعبيد الله (كذا) فنهض ومعه الحسنان حتى لحقوا أبا ذر فشيّعوه ، وبكى أبو ذر وقال : بأبي وجوها إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله وشملتني البركة برؤيتها ، ثم رفع يديه وقال :
اللهم إني احبّهم ولو قطّعت إربا إربا في محبّتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة. ثم قال لهم : ارجعوا رحمكم الله ، والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة.
فودّعه القوم ورجعوا باكين لفراقه (٢).
__________________
(١) روضة الكافي : ١٧٥ ، الحديث ٢٥١ ، وروى الرضيّ شطرا منه في نهج البلاغة الخطبة ١٣٠. هذا ولم يذكر معهم المقداد فلعلّه لأنه كان يعيش بداره بالجرف على فرسخ من المدينة ، كما في أنساب الأشراف ١ : ٢٠٥.
(٢) أمالي المفيد : ١٦٤ ـ ١٦٥ ، م ٢٠ ، الحديث ٤. هذا ولو كان ابن عباس حاضرا لما كان يروى كلماتهم عن ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها كما مرّ في الحاشية.