فقال الأشتر وعمرو بن زرارة : إن الله قد أخذ على العلماء موثقا أن يبيّنوا علمهم للناس ، فإن سألنا سائل عن شيء نعلمه فلا نكتمه! فحبسهما معاوية. ثمّ كلّمه زيد بن صوحان فيهما فأخرجهما. فبلغ معاوية أن قوما يأتونهم ، فأشخصهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بحمص (١).
فاجتمع ناس من نسّاك أهل الكوفة ووجوههم منهم : حجر بن عدي الكندي ، وعمرو بن الحمق وسليمان بن صرد الخزاعيّان ، وكعب بن عبدة النهدي ، ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن حفص التميميّان ، ويزيد بن قيس الأرحبي ، وعبد الله بن الطفيل العامري ، وزيد بن قيس الطائي ، ومالك بن حبيب ، وكتبوا إلى عثمان :
«... إن سعيد بن العاص كثّر عندك على قوم من أهل الدين والفضل ، فحملك من أمرهم على ما لا يحل ، وإنا نذكّرك الله في امة محمد فإنك قد بسطت يدك فيها ، وحملت بني أبيك على رقابها ، وقد خفنا أن يكون فساد هذه الامة على يديك ، فإنّ لك ناصرا ظالما ، وناقما عليك مظلوما ، فمتى نقم عليك الناقم ونصرك الظالم تباين الفريقان واختلفت الكلمة! فاتّق الله فإنك أميرنا ما أطعت الله واستقمت» ثم لم يسمّ أحد منهم نفسه في الكتاب إلّا كعب بن عبدة النهدي ، وبعثوا بالكتاب مع أبي ربيعة العنزي.
فلما قرأ عثمان الكتاب قال له : من كتب هذا الكتاب؟ سمّهم لي. قال : صلحاء أهل المصر وما اسمّي إلّا من سمّى نفسه!
فكتب عثمان إلى سعيد : انظر ابن ذي الحبكة (النهدي) فاضربه عشرين سوطا وحوّله على ديوان الري! فضربه سعيد وسيّره إلى جبل دماوند مع
__________________
(١) تاريخ المدينة المنورة ٤ : ١١٤١ وتمامه : وكانوا بها حتى أخرج أهل الكوفة سعيدا منها فرجعوا إليها.