وخرج الأشتر من الكوفة ومعه مالك بن كعب الأرحبي في خمسمائة فارس فبعثه إلى عذيب الهجانات على طريق الحجاز إلى الكوفة ليردّ سعيدا إن أتاه ، وعسكر الأشتر بين الكوفة إلى الحيرة ، فالتقى الأرحبيّ بسعيد فقال له : لا والله لا تشرب من ماء الفرات قطرة! فردّه.
ورجع الأشتر إلى الكوفة ، وكان فيها أبو موسى الأشعري فقدّمه للصلاة على زياد بن النضر ، وكان فيها حذيفة بن اليمان فولّاه خراج السواد.
ودعا عثمان بعبد الرحمن بن أبي بكر والمسور بن مخرمة المخزومي وكتب معهما إلى الأشتر وأصحابه يأمرهم بالتقوى والرجوع إلى الحق والطاعة ، وأن يكتبوا إليه بما يحبّون!
فكتب الأشتر إليه : «من مالك بن الحارث إلى الخليفة الخاطئ المبتلى. الحائد عن سنّة نبيّه ، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره. أما بعد ، فقد قرأنا كتابك ، فانه نفسك وعمّالك عن الظلم والعدوان وتسيير الصالحين ، نسمح لك بطاعتنا. وقد زعمت أنا قد ظلمنا أنفسنا ، ذلك ظنك الذي أرداك فأراك الجور عدلا والباطل حقا.
وأمّا محبّتنا : فأن تنزع وتتوب وتستغفر الله من تجنّيك على خيارنا ، وتسييرك صلحاءنا ، وإخراجك ايانا من ديارنا ، وتوليتك الأحداث علينا ، وأن تولّى مصرنا عبد الله بن قيس أبا موسى الأشعري وحذيفة ، فقد رضيناهما ، واحبس عنّا وليدك وسعيدك ، ومن يدعوك إليه الهوى من أهل بيتك ، والسلام».
وبعث به مع أبي شبل علقمة بن قيس النخعي وخارجة بن الصلت البرجمي التميمي ، وعبد الله بن يزيد الجعفي ، ومسروق بن الأجدع الهمداني ، ويزيد بن قيس الأرحبي وغيرهم.