ولعلّ معاوية كان أوّلهم وصولا قبل الموسم هذه السنة ، وتوسّم فيه عثمان الوساطة والشفاعة له لدى أنداده من أصحاب الشورى ، فأرسل إليهم وجمعهم لديه : علي عليهالسلام والزبير ، وسعد بن أبي وقاص وطلحة (١).
فروى الطبري بسنده عن موسى بن طلحة قال : لما أرسل عثمان إلى طلحة أبي يدعوه خرجت معه حتى دخلنا على عثمان ، وإذا عنده الزبير وسعد ومعاوية ، وتكلم معاوية ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أنتم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢) وخيرته في الأرض ، وولاة أمر هذه الامة ، لا يطمع في ذلك أحد غيركم! اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع! وقد كبرت سنّه وولّى عمره ، ولو انتظرتم به الهرم كان قريبا ، مع أني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغ به ذلك! وقد فشت قالة خفتها عليكم ، فما عتبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به ، ولا تطمعوا الناس في أمركم ، فو الله لئن طمعوا في ذلك لا رأيتم فيها أبدا إلّا إدبارا!
فقال له علي عليهالسلام : وما لك وذلك؟ وما أدراك؟ لا أمّ لك!
فقال معاوية : دع امّي مكانها ، ليست بشرّ امهاتكم! قد أسلمت وبايعت النبي صلىاللهعليهوآله وأجبني فيما أقول لك.
فقال عثمان : صدق ابن أخي! وإني اخبركم عنّي وعمّا وليت : إنّ صاحبيّ اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل ، احتسابا! وإنّ رسول الله كان يعطي قرابته ، وأنا في رهط أهل عيلة وقلة معاش ، فبسطت يدي في شيء من هذا المال لمكان ما أقوم به ، ورأيت أن ذلك لي ؛ فإن رأيتم ذلك خطأ فردّوه ، فأمري تبع لأمركم!
__________________
(١) ونفتقد منهم ابن عوف في النصّ الآتي مما يدل على أن ذلك كان بعد مقاطعته أو وفاته.
(٢) لا أستبعد أن يكون معاوية أول من حذف «وآله» وأضاف «وسلّم».