حتى تأتينا منك توبة مصرّحة ، أو ضلالة مبلجة ، فهذه مقالتنا لك وقضيّتنا إليك ، والله عذيرنا منك ، والسلام» فكان ردّه عليه أن أمر به فأخرج من داره.
وكتب أهل المدينة إليه يقسمون له بالله أنهم لا يمسكون عنه حتى يعطيهم ما يلزمه من حقّ الله أو يقتلوه (١).
وروى ابن اسحاق أيضا عن الزهري قال : قدم أهل مصر في ستمائة راكب عليهم البلوى ، فنزلوا ذا خشب (٢) وفيهم أبو عمرو بن بديل الخزاعي ، وأبو عروة الليثي ، وكنانة بن بشر الكندي (التجيبي). واجتمع إليهم مالك الأشتر النخعي ، وكميل بن زياد النخعي ، وحجر بن عديّ الكندي وصعصعة بن صوحان العبدي مع جماعة من قرّاء أهل الكوفة الذين سيّرهم عثمان إلى الشام حين شكوا أحداثه التي أنكرها عليه المهاجرون والأنصار. وحكيم بن جبلة العبدي مع طائفة من أهل البصرة.
فمرّ بهم زياد بن النضر وعمر بن عبيد الله فقالا لهم : إن شئنا بلّغنا عنكم أزواج النبي صلىاللهعليهوآله ، فإن أمرنكم أن تقدموا فاقدموا! فقالوا لهما : افعلا ، واقصدا عليا آخر الناس!
فبدأ بعائشة ، ثم الصحابة ، فأمروهم أن يقدموا ، ثم صارا إلى عليّ عليهالسلام فأخبراه واستأذناه لهم ، فقال : أتيتما قبلي أحدا؟ قالا : نعم ، أتينا عائشة وأزواج النبي وأصحابه من المهاجرين والأنصار فأمروهم أن يقدموا. فقال عليهالسلام : لكنّي لا آمرهم بذلك ، بل يستعتبونه ممّن قرب ، فإن أعتبهم فهو خير لهم ، وإن أبى فهم أعلم.
__________________
(١) الطبري ٤ : ٣٦٩.
(٢) على مرحلة من المدينة على طريق الشام ، أو السويداء ثم الأسواق ، كما في الطبري ٤ : ٣٧٣ عن الواقدي. وروى عن سيف : أن مقدمهم الأول كان في أواخر شوال ٤ : ٣٤٨.