ينطقون به. وبلغ ذلك عبد الله بن سعد فأرسل إليهما يقول لهما : والله لو لا أني لا أدري ما يوافق أمير المؤمنين لحبستكما وعاقبتكما (١)!
فقال ابن أبي حذيفة : والله ما لك إلى ذلك سبيل ، ولو هممت به ما قدرت عليه!
قال : والله لا تركب معنا ، فكفّ خير لك (٢).
ولكنّهما أقاما في مصر مصرّين على تحريض الناس على عثمان حتى منتصف سنة (٣٥ ه) ولشهر رجب اجتمع أكثر من خمسمائة رجل يظهرون أنهم يريدون عمرة رجب ، فخرجوا مع عبد الرحمن بن عديس البلويّ ـ من أصحاب بيعة الرضوان تحت الشجرة ـ ومحمد بن أبي بكر ، وشيّعهم ابن أبي حذيفة إلى منزل عجرود وناولهم كتابا إلى علي عليهالسلام ، وبعث ابن أبي سرح رسولا إلى عثمان يخبره خبرهم (٣).
فروى الطبري عن ابن إسحاق عن ابن الزبير قال : كان أهل مصر الذين ساروا إلى عثمان ستمائة رجل ، على أربعة ألوية ، وجماع أمرهم إلى عبد الرحمن بن عديس البلوي التجيبي وعمرو بن الحمق الخزاعي من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ، ونزلوا السقيا أو ذا خشب وكتبوا كتابا إلى عثمان وحمله رجل منهم إليه حتى دخل عليه وكان فيه :
«أما بعد ، فاعلم أن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ؛ فالله الله ثم الله الله ، فإنك على دنيا فاستتمّ معها آخرة ولا تنس نصيبك منها فلا تسوغ لك الدنيا. واعلم أنّا ـ والله ـ نغضب لله ونرضى في الله ، وأنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا
__________________
(١) الطبري ٤ : ٢٩٢.
(٢) الطبري ٤ : ٢٩١ في حوادث سنة (٣١ ه) أي قبل وفاة أبي ذرّ وابن مسعود.
(٣) الطبري ٤ : ٣٥٧ ـ ٣٥٨ عن الواقدي قال : وصل المدينة في إحدى عشرة ليلة و٣٧٨.