فدخل علي عليهالسلام على عثمان ، ولم يزل به حتى أعطاه ما أراد القوم من ذلك وبذل لهم العهود والمواثيق. فخرج إلى القوم بما ضمنه له عثمان ، ولم يزل بهم حتى توجّه كل قوم إلى بلادهم (١).
__________________
(١) الجمل (للمفيد) : ١٣٨ ـ ١٤٠ ، عن كتاب مقتل عثمان (لإسحاق البلخي البخاري الهاشمي ولاء) المتوفى في بغداد (٢٠٦ ه) وانظر قاموس الرجال ١ : ٧٣٧. هذا وانفرد اليعقوبي ٢ : ١٧٤ بدعوى هذا الدور لعمرو بن العاص! قال : وجّه إليهم عمرو بن العاص فكلمهم وقال لهم : إنه يرجع إلى ما تحبّون ، وكتب لهم بذلك فانصرفوا! فطلب منه عثمان أن يعذره للناس في المدينة ، ونادى في الناس : الصلاة جامعة! ثم صعد عمرو المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر محمدا وقال : بعثه الله رأفة ورحمة ، فبلّغ الرسالة ونصح الامة ، وجاهد في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ثم قال : أليس كذلك؟! قالوا : بلى. ثم قال : وولى بعده رجل حكم بالحق وعدل في الرعيّة ، ثم قال : أليس كذلك؟! قالوا : بلى ، فقال : ثم ولي الأحول الأعسر ابن حنتمة ، فأبدت له الأرض أفلاذ أكبادها ، وأظهرت له مكنون كنوزها ، وخرج هو من الدنيا وما ابتلّت عصاه! ثمّ قال : أليس كذلك؟! قالوا : بلى. فقال : ثم ولى عثمان ، فقلتم تلومونه ، وقال يعذر نفسه! ثم قال : أليس كذلك؟! قالوا : بلى ، قال : فاصبروا له ؛ فلعل تأخير أمر خير من تقديمه حتى يكبر الصغير ويسمن الهزيل! ونزل!
فدخل أهل عثمان عليه وقالوا له : وهل عابك أحد بمثل ما عابك به عمرو؟!
ودخل عمرو على عثمان فقال له : يا ابن النابغة والله ما زدت أن حرضت الناس عليّ.
فقال عمرو : والله لقد قلت فيك أحسن ما علمت ، فلقد ركبت من الناس وركبوا منك فإن لم تعتدل فاعتزل!
فقال له عثمان : يا ابن النابغة! قد قمل درعك مذ عزلتك عن مصر.