ونقل الرضيّ : أن ابن عباس حمل من عثمان وهو في الحصار رسالة إلى علي عليهالسلام يسأله فيها الخروج إلى ما له في ينبع ، وكأنه كان قد طلب منه ذلك في القدمة الاولى للمصريين فلما خرجوا أرسل إليه أن يرجع ، فلما عاد المصريّون عاد لطلبه هذا. ولعلها كانت مع هذه الزيارة لابن عباس ، فقال عليهالسلام : يا ابن عباس ، ما يريد عثمان إلّا أن يجعلني جملا ناضخا بالغرب (١) أقبل وأدبر! بعث إليّ أن أخرج ، ثم بعث إليّ أن أقدم ، ثم هو الآن يبعث إليّ أن أخرج! والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما (٢).
ثم خرج ابن عباس حتى التقى في منزل الصلصل (٣) بعائشة فقالت له : يا ابن عباس ، إن الناس قد رفع لهم المنار فبانت لهم بصائرهم ووضحت لهم الطرق فتحلّبوا من البلدان لأمر قد قرب ، وقد أعطيت لسانا إزعيلا (ذلقا) فأنشدك الله أن تخذّل الناس عن هذا الرجل (٤).
قال ابن عباس : فقدمت الحج في العشر (من ذي الحج) فذهبت إلى خالد بن العاص وأبلغته ما قال لي عثمان ، فأبى أن يحجّ وقال : وهل لي طاقة بعداوة من ترى؟! وأنت ابن عمّ الرّجل ـ يعني عليا ـ وهذا الأمر لا يفضي إلّا إليه ، فحجّ أنت بالناس ، فأنت أحق أن تحمل له ذلك. فحججت بالناس.
__________________
(١) الجمل يستقى عليه بدلو عظيمة.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٤٠ وأقدم مصدر له الكامل (للمبرد) ١ : ١١ وانظر المعجم المفهرس : ١٣٩٣.
(٣) على سبعة أميال من المدينة نحو مكة.
(٤) نقله القاضي النعمان في شرح الأخبار ١ : ٣٤٣ ، عن الباقر عن السجاد عليهماالسلام ، عن مروان بن الحكم! والمفيد في الجمل : ١٤٩ عن ابن اسحاق والمدائني وأبي حذيفة القرشي ، في رجوعه من الحج في الصلعاء!