أما بعد ـ أيها الناس ـ فإن البغي يقود أصحابه إلى النار ... وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا ، وأمات هامان وأهلك فرعون ، وقد قتل عثمان.
ألا وإن بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيّه صلىاللهعليهوآله ، والذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، ولتغربلنّ غربلة ، ولتساطنّ سوطة القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم ، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ، وليقصّرنّ سابقون كانوا قد سبقوا.
والله ما كتمت وشمة ولا كذبت كذبة ؛ ولقد نبّئت بهذا المقام وهذا اليوم!
ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها ، وخلعت لجمها فتقحّمت بهم في النار!
ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنة ؛ وفتّحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ)(١).
ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر (الإمارة) من لم اشركه فيه ولم أهبه له ومن ليست له منه نوبة ... أشرف منه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم!
حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن أمر الباطل لقديما فعل ، ولئن قلّ الحقّ فلربّما ولعلّ ، ولقلّ ما أدبر شيء فأقبل ، ولئن ردّ عليكم أمركم أنكم سعداء ، وما عليّ إلّا الجهد.
وإني لأخشى أن تكونوا على فترة ، ملتم عنّي ميلة كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي! ولو أشاء لقلت ، (ولكن) (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ)(٢) سبق فيها الرجلان وقام الثالث كالغراب همّه بطنه! ويله لو قصّ جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا له ، شغل عن الجنة والنار أمامه!
__________________
(١) الحجر : ٤٦.
(٢) المائدة : ٩٥.