وما انفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف قول عامة المسلمين ، يتّخذكم لجأ فتكونوا حصنه المنيع وخطبه البديع (ولعلها إشارة إلى معارضة أبي سفيان ثم انصراف عليّ وبني هاشم).
ثمّ قال : ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ولمن بعدك من عقبك ، إذ كنت عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله صلىاللهعليهوآله ومكان أهلك ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم! وعلى رسلكم بني هاشم ، فإن رسول الله منّا ومنكم.
فقال عمر : واخرى : أنّا لم نأتكم حاجة إليكم ، ولكن كرهنا أن يكون الطعن منكم في ما اجتمع عليه المسلمون ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم! فانظروا لأنفسكم وعامّتهم. وسكت.
فتكلم العباس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله ابتعث محمدا نبيا كما وصفت ، وليا للمؤمنين ، فمنّ الله به على امته حتى اختار له ما عنده (فخلّى الناس على أمرهم ليختاروا لأنفسهم (؟!) مصيبين للحق مائلين عن زيغ الهوى) (١).
فإن كنت برسول الله طلبت فحقّنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم ، وما تقدّمنا في أمركم فرضا ، ولا حللنا وسطا ، ولا برحنا سخطا.
فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنّا كارهين ، وما أبعد قولك إنهم طعنوا من قولك : إنهم مالوا إليك.
وأما ما بذلت لنا ؛ فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك ، وإن يكن حق المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه ، وإن يكن حقّنا لم نرض لك ببعضه دون بعض. وما أقول هذا أروم صرفك عمّا دخلت فيه ، ولكن للحجة نصيبها من البيان.
__________________
(١) هذه الجملة زيادة في اليعقوبي والجوهري وابن قتيبة وليست في كتاب سليم.