وقد بعثت إليكم قيس بن سعد أميرا ، فوازروه وأعينوه على الحق ، وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم ، والشدة على مريبكم ، والرفق بعوامّكم وخواصّكم ، وهو ممّن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصيحته. نسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جزيلا ورحمة واسعة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكتب عبيد الله بن أبي رافع في (غرة) صفر سنة (٣٦ ه).
فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر ، فصعد المنبر وجلس عليه ومعه الكتاب فأمر به فقرئ على الناس ، فلما فرغ من قراءة الكتاب قام قيس خطيبا :
فحمد الله وأثنى عليه فقال : الحمد لله الذي أمات الباطل وأحيا الحق وكبت الظالمين!
أيها الناس ، إنا بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة نبيّه ، فإن نحن لم نعمل فيكم بكتاب الله وسنّة رسوله فلا بيعة لنا عليكم! فقام الناس فبايعوا.
ووثب مسلمة بن مخلّد الأنصاري فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه ، واعتزل معه جمع ، فأرسل قيس إليهم : إني لا اكرهكم على البيعة بل أكف عنكم وأدعكم. فهادنهم ، وأرسل إلى مسلمة يقول له : ويحك أعليّ تثب؟ والله ما احب أن لي ملك مصر إلى الشام وأني قتلتك! فقال مسلمة : فأنا كافّ عنك ما دمت أنت والي مصر.
وكان بقرية من قراها يزيد بن الحارث الكناني قد أعظم أهلها قتل عثمان ، فبعث يزيد إلى قيس يقول : إنا لا نأتيك (نبايعك) والأرض أرضك فابعث عمّالك ، ولكن أقرّنا على حالنا حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس ، فهادنهم.
وبعث عمّاله على أعمالها وجبا خراجها ولم ينازعه أحد منهم (١).
__________________
(١) الغارات (للثقفي) ١ : ٢٠٦ ـ ٢١٢.