فبعث إليه علي عليهالسلام : إني لمشغول فقد آليت على نفسي يمينا : أن لا أرتدي رداء إلّا للصلاة حتى أؤلّف القرآن وأجمعه (١).
قال سلمان : فجمعه في ثوب واحد ، ثم خرج إلى الناس ـ وهم مع أبي بكر ـ في مسجد رسول الله ، فنادى بأعلى صوته :
يا أيها الناس ، إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله مشغولا أوّلا بغسله ، ثم بالقرآن حتى جمعته كلّه في هذا الثوب ، فلم ينزل الله تعالى على رسوله آية إلّا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلّا وقد أقرأنيها رسول الله وعلمني تأويلها. لئلّا تقولوا يوم القيامة : أني لم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته ، أو أني لم أدعكم إلى نصرتي ولم أذكركم حقي ، ولئلّا تقولوا غدا : (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)(٢).
فردّ عليه عمر قال : يغنينا ما معنا من القرآن عما تدعونا إليه!
فانصرف علي عليهالسلام إلى بيته ، فدخله ، وأغلق عليه بابه (٣).
__________________
(١) وأشار إليه المعتزلي ٦ : ٤٠ ، عن الجوهري قال : إلّا إلى صلاة جمعة ، وفي السقيفة : ٦٤.
(٢) الأعراف : ١٧٢.
(٣) كتاب سليم بن قيس الهلالي ٢ : ٥٨١ ـ ٥٨٢ ، والآية من الأعراف : ١٧٢. وروى صدر الخبر الكليني في روضة الكافي : ٢٨٣ ، الحديث ٥٤١ بسنده عن سليم. وروى الصدوق خبرا آخر مثله عن سليم عن أبي ذر ، ذكره المجلسي في بحار الأنوار ٨ ط ق : ٤٦٣ و٩٢ : ٤٢. وفي الاحتجاج ١ : ١٠٥ ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري بمعناه. وفي تفسير العياشي ٢ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، عن الصادق عليهالسلام. وراجع هوامش بحار الأنوار ٢٨ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥ للمحقق البهبودي ، وفيها عن فهرست ابن النديم : ٤٨ : فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن من قلبه في أول مصحف جامع. ومعناه في الإمامة والسياسة : ١٢ ، وعن الجوهري في شرح النهج للمعتزلي ٢ : ٥٦ ، وفي السقيفة : ٥١ ، ومنتخب كنز العمال ٢ : ١٦٢.