فقال ابن عمر : أيها الشيخان ؛ أتريدان أن تخرجاني من بيتي ثم تلقياني بين مخالب ابن أبي طالب؟ إن الناس إنما يخدعون بالدينار والدرهم!
واني قد تركت هذا الأمر عيانا لأكون في عافية! فانصرفا عنه (١).
وعاودهما مروان فقال لهما : عاودا ابن عمر فلعلّه ينيب! فعاوداه.
فتكلّم طلحة فقال له : يا أبا عبد الرحمن ، إنه ـ والله ـ لربّ حقّ ضيّعناه وتركناه ، فلما ارتفع العذر قضيناه بالحق وأخذنا بالحظّ. إنّ عليا يرى إنفاذ بيعته وإن معاوية لا يبايع له ، فنحن نرى أن نردّها شورى ، فإن سرت معنا ومع أمّ المؤمنين صلحت الامور! وإلّا فهي الهلكة!
فقال ابن عمر : إن يكن قولكما حقا فقد ضيّعت فضلا ، وإن يكن باطلا فقد نجوت من شرّ ، وأعلما أن عائشة بيتها خير لها من هودجها ، وأنتما المدينة خير لكما من البصرة ، والذلّ خير لكما من السيف ، فإنه لا يقاتل عليا إلّا من يكن خيرا منه!
وأما الشورى ؛ فقد كانت والله فقدّم وأخّرتما ، ولن يردّها إلّا اولئك الذين حكموا بها وفيها! فاكفياني أنفسكما! فانصرفا.
فقال لهما مروان : استعينا عليه باخته حفصة.
فأتيا حفصة ، فقالت لهما : دعاه ، فلو كان يطيعني لأطاع عائشة. فتركاه (٢).
ثم عاد هو فمنع اخته حفصة من أن تصحب عائشة ، وأعادها إلى المدينة (٣).
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) الإمامة والسياسة : ٦١.
(٣) مناقب آل أبي طالب للحلبي.