فأتاهم وجمعهم وقال لهم : يا بني أسد ، إن عديّ بن حاتم ضمن لعليّ (أمير المؤمنين) قومه ، وأجابوه وقضوا عنه ذمامه ، فلم يعتلّ الغنيّ بالغنى ولا الفقير بالفقر وواسى بعضهم بعضا ، حتى كأنهم المهاجرون في الهجرة والأنصار في الأثرة (الإيثار) وهم جيرانكم في الديار وخلطاؤكم في الأموال ، فأنشدكم الله لا يقول الناس غدا : نصرت طيّئ وخذلت بنو أسد ، وإن الجار يقاس بالجار كالنعل بالنعل ، فإن خفتم فتوسّعوا في بلادهم وانضمّوا إلى جبلهم. وهذه دعوة لها ثواب من الله في الدنيا والآخرة.
فقام إليه رجل منهم وقال له : يا زفر ؛ إنك لست كعديّ ولا أسد كطيّئ ، لقد ارتدّت العرب فثبتت طيّئ على الإسلام ، وجاد عديّ بالصدقة (الزكاة) وقاتل بقومه قومك ، وو الله لو نفرت طيّئ بأجمعها لمنعت رعاؤها دارها ، ولو أن معنا أضعافنا لخفنا على ديارنا! فإن كان لا يرضيك منّا إلّا ما أرضى عديا من طيّئ فليس ذلك عندنا! وأما إن كان يرضيك منّا قدر ما يردّ عنّا عذر الخذلان وإثم المعصية ، فلك منّا ذلك.
فرضي منهم بذلك فاجتمع إليه منهم جمع ، فلما صار إليهم عليّ لحقوا به عليهالسلام (١).
ولم نتحقق أين لحق به عامله على مكة أبو قتادة الأنصاري ، حيث بعث بدله إلى مكة قثم بن العباس ، كما استخلف على المدينة سهل بن حنيف ، واستصحب معه أخاهم عبد الله بن العباس مع سبعمائة من المهاجرين والأنصار محدقين به عن يمينه وشماله ، ومعهم من سمع بمسيرهم فاتّبعهم ، راكبا جملا أحمر قائدا فرسه الكميت بين يديه (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٥٨ ـ ٥٩ ولحوقهم في أرضهم مع بني طيّئ في اليعقوبي ٢ : ١٨١. والجمل للمفيد : ٢٦١ ، وفي ٢٦٥ : أنه لحق به منهم ومن غيرهم ألفا رجل.
(٢) الجمل للمفيد : ٢٤٠ وفيه : أنه استخلف على المدينة تمّام بن العباس ، بل الصحيح