جبلة وأصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من السكك ، ورماهم نساء البصرة من فوق البيوت بالحجارة.
فلما رأوا ذلك اخذوا إلى مقبرة بني مازن فوقفوا بها حتى اجتمع إليهم خيلهم ، ثم أخذوا على مسنّاة البصرة حتى انتهوا إلى الزابوقة ، ثم إلى سبخة دار الرزق فنزلوا بها.
فلما نزلوا السّبخة أتى عبد الله بن حكيم التميمي وهو يحمل كتابا كتبه إليه من قبل طلحة ، فوقف عليه وقال له : أما هذا كتابك إلينا؟ قال : بلى! قال : فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله ، حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه؟! فلعمري ما هذا رأيك (بل) لا تريد إلّا هذه الدنيا! مهلا! إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من عليّ ما عرض عليك من البيعة فبايعته طائعا راضيا ثم نكثت بيعتك ، ثم جئت لتدخلنا في فتنتك!
فقال له : إن عليا دعاني إلى بيعته بعد ما بايعه الناس ، فعلمت أني لو لم أقبل ما عرضه عليّ لم يتم لي ثم يغرى بي من معه (١)!
أو قال طلحة : دعانا إلى البيعة لنا بعد أن اغتصبها وبايعه الناس ، فعلمنا حين عرض علينا أنه غير فاعل! فبايعناه كارهين!
قال : فما بدا لكما في عثمان؟!
قال : ذكرنا ما كان من طعننا عليه وخذلاننا إياه فلم نجد مخرجا من ذلك إلّا الطلب بدمه!
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٩ : ٣١٨ ـ ٣١٩ عن كتاب الجمل لأبي مخنف ، ومختصره في أنساب الأشراف ٢ : ٢٣ عن الزهري : بكتب كتبها طلحة إليهم ... وفي الجمل للمفيد : ٣٠٥ : أنه أتاه بها بعد الوقعة الأولى.