المسلمين وعرفوا الإسلام استبصر قوم منهم وتعبّدوا ، قال المفيد : حتى أكل السجود جباههم ، فأتمنهم عثمان بن حنيف على بيت المال ودار الإمارة (١).
وقال أبو مخنف : فلما استوسق لطلحة والزبير أمرهما. خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ومعهما أصحابهما ، قد ألبسوهم الدروع وتظاهروا فوقها بالثياب ، فانتهوا إلى المسجد وقت صلاة الفجر وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه ، واقيمت الصلاة ، فتقدّم عثمان للصلاة وتقدم أصحاب الزبير يقدّمونه ويؤخرون ابن حنيف ، وتقدّم السيابجة الشرط فقدّموا عثمان وأخّروا الزبير ، فغالبهم أصحاب الزبير فقدّموه وأخّروا عثمان ، واستمر هذا حتى كادت الشمس أن تطلع وتصايح الناس : الصلاة الصلاة! أصحاب محمد! فقد طلعت الشمس! فتهاون ابن حنيف وتغلّب الزبير فصلى بالناس!
فلما انصرف من صلاته صاح بأصحابه المتسلّحين : أن خذوا عثمان بن حنيف! فتقدّم إليه مروان بن الحكم بسيفه وجرّد هو سيفه فتضاربا ثم أخذه أصحاب مروان ، وأسروه وضربوه ضرب الموت ، ونتفوا كل شعرة في رأسه ووجهه حتى حاجبيه وأشفار عينيه ، وأسروا السيابجة سبعين رجلا ، وانطلقوا بهم إلى عائشة.
فأرسلت عائشة إلى الزبير أن اقتل السيابجة فقد بلغني ما صنعوا بك! فذبحهم الزبير وابنه عبد الله كما يذبح الغنم صبرا! فكانوا أول من ضرب عنقه صبرا من المسلمين.
وقالت لأبان بن عثمان : اخرج إلى ابن حنيف فاضرب عنقه ، فإن الأنصار قتلت أباك وأعانت على قتله! فسمعها ابن حنيف فناداها : يا عائشة ، إنّ أخي سهل ابن حنيف خليفة عليّ بن أبي طالب على المدينة ، فأقسم بالله لئن قتلتموني ليضعنّ
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٨١.