وعن المدائني البصري بسنده قال : لما كانت الليلة التي اخذ فيها عثمان بن حنيف ، وبلغ حكيم بن جبلة ما صنعوا به ، قال : لست أخاف الله إن لم أنصره!
وكان في رحبة مدينة الرزق طعام يرتزقه الناس ، فأراد عبد الله بن الزبير أن يرزق منه أصحابه فاستولى عليه ، فجاء حكيم في جماعة من ربيعة من بكر بن وائل وعبد القيس وأكثرهم منهم ، إلى ابن الزبير في مدينة الرزق. فقال له ابن الزبير : ما لك يا حكيم؟
قال حكيم : نريد أن نرتزق من هذا الطعام ، وأن تخلّوا عثمان فيقيم في دار الإمارة على ما كتبتم بينكم حتى يقدم عليّ ، والله لو أجد أعوانا عليكم أخبطكم (أقتلكم) بهم ما رضيت بهذه منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ، ولقد أصبحتم وإنّ دماءكم لنا لحلال بمن قتلتم من إخواننا ، أما تخافون الله عزوجل! بم تستحلّون سفك الدماء! قال ابن الزبير : بدم عثمان بن عفّان!
قال حكيم : فالذين قتلتموهم (من الحرّاس الشرط الزطّ السّيابجة) قتلوا عثمان! أما تخافون مقت الله!
فقال ابن الزبير : لا نرزقكم من هذا الطعام ، ولا نخلّي سبيل عثمان ابن حنيف حتى يخلع عليا!
فرفع حكيم رأسه وقال : اللهم إنك حكم عدل فاشهد. ثم التفت إلى قومه وقال لهم : اني لست في شك من قتال هؤلاء ، فمن كان في شك فلينصرف ، ثم حمل عليهم فقاتلهم (١).
__________________
(١) الطبري ٤ : ٤٧٤ ـ ٤٧٥ ، واختصر الخبر ابن الخياط في تاريخه : ١١٠ بسند أتم من الطبري. وانظر وقارن أنساب الأشراف ٢ : ٢٢٨ عن أبي مخنف ، ذكر هذه المقابلة بينه وبين طلحة والزبير نفسه لا ابنه عبد الله ، وذكر مطاليب العبدي بدون الارتزاق.