ثم قام على غرائر الأحمال فقال : إنه أتاني خبر فضيع ونبأ جليل : إن طلحة والزبير وردا البصرة فوثبا على عاملي فضرباه ضربا مبرّحا ، وترك لا يدرى أحيّ هو أم ميت! وقتلا العبد الصالح حكيم بن جبلة في عدة من رجال مسلمين صالحين لقوا الله موفين ببيعتهم ماضين على حقّهم ، وقتلا السيابجة خزّان بيت المال للمسلمين ، قتلوا طائفة منهم صبرا واخرى غدرا!
فبكى الناس بكاء شديدا ، ورفع أمير المؤمنين يديه يدعو يقول : اللهم اجز طلحة والزبير جزاء الظالم الفاجر والخفور الغادر (١).
ولما انتهى إلى ذي قار أتاه الخبر بما لقيت ربيعة وخروج عبد القيس منهم ونزولهم على طريقه ينتظرونه ليلحقوا به ، فقال عليهالسلام : عبد القيس خير ربيعة وفي كل ربيعة خير ، ثم قال :
يا لهف نفساه على ربيعة |
|
ربيعة السامعة المطيعة |
قد سبقتني فيهم الوقيعة |
|
دعا عليّ دعوة سميعة |
حلّوا بها المنزلة الرفيعة |
وانتهى إليه فيها عثمان بن حنيف وليس في وجهه شعر! فلما رآه عليّ عليهالسلام نظر إلى أصحابه وقال لهم : انطلق هذا من عندنا وهو شيخ فرجع إلينا وهو شاب (٢).
وروى الطبري عن المدائني عن ابن الحنفية قال : قدم عثمان بن حنيف على علي عليهالسلام وقد نتفوا شعر رأسه ولحيته وحاجبيه ، فلما رأى عليا قال له : يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية وجئتك أمرد! فقال عليهالسلام : فأصبت أجرا وخيرا. ثم قال : إن الناس وليهم قبلي رجلان فعملا بالكتاب ، ثم وليهم ثالث فقالوا وفعلوا ،
__________________
(١) الكافية في إبطال توبة الخاطئة للشيخ المفيد وعنه في بحار الأنوار ٣٢ : ٩٢.
(٢) الطبري ٤ : ٤٨١ عن سيف.